الأخبار (اتويجكجيت) – "كانت ليلةً لا تُنسى… حاصرتنا المعاناة فيها من كل جانب.. سماءٌ أثقلت بالماء، وأرضٌ ضاقت بأهلها، وقريةٌ تغرق شيئًا فشيئًا في صمتٍ موجع.. في ظل غياب لأي مغيث أو مساعد".
"صرخات الأطفال، وهمسات القلق على وجوه الشيوخ، وعرق الشباب الذي لم يعرف طعم النوم…"
هكذا يصف سيدي محمد إبراهيم، أحد سكان اتويجكجيت التابعة لبلدية صنگرافه بولاية البراكنة، ليلة السبت الماضية، حين باغتتهم السيول في ساعات متأخرة من الليل، وأغلب السكان قد خلد للنوم.
منذ الساعة الثانية فجرًا بدأت شباب القرية رحلة إنقاذ ستطول، كانت أولويتها الأرواح، خصوصا الصغار وكبار السن، والنساء، مستخدمين وسائل بدائية، لأن السيارات "لا تشتغل في مثل هذه الظروف، ولا يمكنها التحرك وسط السيول، بل قد تتحول في لحظة من وسيلة إنقاذ ومساعدة إلى مصدر خطر محدق".
"سيارتي لم أستطع إعادة تشغيلها منذ أربعة أيام… المياه غمرتها، والمخاطر كثيرة"، يضيف سيدي محمد.
ويؤكد أن جميع البيوت في القرية غمرت المياه محتوياتها كليا أو جزئيا، ويعلق بحسرة: "وللتنبيه فقط، فطريق الأمل جاء بعد القرية، ومع ذلك تم توجيه المياه نحوها كأنها هي العائق الوحيد… الحل المطروح ليس منطقيًا، ولا يمكن أن يُعتبر حلًا نهائيًا".
منازل غارقة
تحدث سكان قرية اتويجكجيت عما وصفوها بالكارثة الحقيقية التي تسبّب فيها سد أقيم عند منطقة المعبر، مؤكدين أنه حرف مجرى المياه ووجّهه مباشرة إلى داخل القرية، وإلى المنازل الضعيفة أصلاً.
تقول توت محمد وهي إحدى القاطنات بالمنطقة، أن الأمطار تهاطلت بكميات كبيرة ودخلت السيول إلى البيوت.
وترجع بنت محمد، سبب كل ما حدث إلى السد الجديد الذي حوّل مجرى الوادي نحو القرية.
مريم إبراهيم أضافت أن مجرى الوادي القديم كان يعمل منذ أكثر من أربعين سنة، وكانت السيارات تمرّ منه، واليوم تمّ إغلاقه بحجّة تسهيل المرور.
وتتابع بنت ابراهيم "ما حصل هو أن المياه أصبحت تتجمّع وتضرب منازلنا بقوة بدل أن تخرج بشكل طبيعي وعبر المجرى المعتاد لها منذ عقود"
أما زينب عبدو فوصفت المشهد بقولها: "وصلت المياه إلى نصف قامة الشخص الواقف، هُجرت المنازل، ونفقت بعض الحيوانات، وعشنا لحظات رعب لا تنسى، وقمنا بالمستحيل من إنقاذ الضعاف من الأطفال وكبار السن والمرضى والضعفة عموما".
مطالب عاجلة
وجّه السكان نداءً عاجلاً للجهات المعنية من أجل التدخل السريع، وفتح الممر الطبيعي للمياه الذي تم سده، معتبرين أن هذا الإجراء غير مدروس وأدى إلى كارثة، ولا يمكن أن يستمر.
بنت إبراهيم طالبت بإزالة السد الحالي بشكل فوري، وإعادة المياه إلى مسارها الطبيعي.
بنت عبدو، أكدت أنهم يريدون فقط أن يعيشوا بأمان، مضيفة أن منازلهم تضررت "ونحن نطالب بتعويض أو حل دائم يحمينا من هذه الفيضانات".
أما ولد ابراهيم فيؤكد أن الضرر الذي لحق بهم، كان بفعل فاعل، "إذ إنه نتيجته واضحة وجلية لإغلاق السد، ما تسبب في اتجاه المياه إلى القرية، وإغلاق المنازل، وإتلاف محتوياتها، وتهديد حياة الساكنة".
ويشدد ولد ابراهيم، على المطالبة بإزالة السد وتوجيه سيول الأمطار إلى جهة بعيدة عن الساكنة وتقديم تعويض للساكنة.
وكان عمدة بلدية صنكرافة محمد عبد الله ولد إبراهيم قد أطلق نداء لإغاثة السكان، وطالب مفوضية الأمن الغذائي و"التآزر" وجميع جهات الدولة بالتدخل لعون المواطنين وبلفتة سريعة تجاه سكان اتويجگجيت.
وقال العمدة في تصريح لوكالة الأخبار المستقلة أمس السبت إن 48 أسرة في القرية لم تعد تستطيع البقاء في منازلها، لافتا إلى أن الأشخاص المسنين في خطر، ومتاعهم ضاع بفعل السيول.
ولفت إلى إن السيول ليلة السبت شكّلت خطرا حقيقيا على الساكنة، وبعض الساكنة دخل الخطر، وبعض أحياء القرية تم عزلها نهائيا.