على مدار الساعة

اليوم العالمي للشباب… من وعد انتخابي إلى مأمورية تتحقق في موريتانيا

13 أغسطس, 2025 - 17:23
المهندس محمد محمود ولد الصيام - siyammed@gmail.com

في الثاني عشر من أغسطس من كل عام، تتجه أنظار العالم إلى فئة الشباب، احتفاءً بقدراتهم الهائلة ودورهم الحيوي في قيادة مسارات التنمية والتغيير. هذا اليوم العالمي ليس مجرد محطة احتفالية أو مناسبة بروتوكولية، بل هو دعوة صريحة لتقدير طاقات الشباب، وتسليط الضوء على القضايا التي تمس حياتهم مباشرة، وتعزيز مشاركتهم في صناعة القرار، باعتبارهم صناع الحاضر وحملة مشاعل المستقبل.

 

في موريتانيا، تكتسب هذه المناسبة بُعداً خاصاً هذا العام، إذ تتقاطع مع التزام وطني بارز أعلنه فخامة رئيس الجمهورية خلال الانتخابات الماضية، حين أكد أن المأمورية القادمة ستكون "مأمورية الشباب". مأمورية تتجاوز الشعارات لتضع الجيل الجديد في صدارة المشهد الوطني، وتفتح أمامه أبواباً واسعة للمشاركة في إدارة الشأن العام، وتولي أدوار قيادية في مسيرة البناء والتنمية.

 

هذا التعهّد لم يبق حبيس البرامج الانتخابية، بل بدأت الحكومة في ترجمته إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع. فقد تم إطلاق برامج وطنية طموحة تستهدف خلق فرص عمل للشباب، عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير التمويلات الميسرة، وتشجيع المبادرات الريادية في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات. كما تم تكثيف الجهود في مجالات التكوين المهني والتأهيل، من أجل رفع كفاءة الشباب ومواءمة مهاراتهم مع متطلبات سوق العمل.

 

إلى جانب ذلك، شهدت الساحة الوطنية توسعاً ملحوظاً في مجالات إشراك الشباب في الحياة العامة، سواء عبر تعزيز حضورهم في المجالس البلدية والجهوية، أو عبر فتح المجال أمامهم لقيادة هيئات شبابية ومؤسسات مجتمع مدني فاعلة. هذه الخطوات تعكس إرادة سياسية واضحة من الحكومة لترجمة وعودها إلى إنجازات، وتؤكد أن الحديث عن "مأمورية الشباب" هو بالفعل مشروع وطني قيد التنفيذ، لا مجرد فكرة في الخطابات.

 

ومع ذلك، فإن تحقيق هذه المأمورية لا يمكن أن يظل مسؤولية الدولة وحدها. فالشباب أنفسهم مطالبون بأن يكونوا طرفاً أساسياً في هذه الشراكة، من خلال المبادرة والعمل الميداني، والانخراط في البرامج المطروحة بروح إيجابية ومسؤولية عالية. فالمستقبل الذي ينشدونه لن يُبنى بالانتظار، بل بالفعل والإبداع والمثابرة.

 

اليوم، ونحن نحتفل باليوم العالمي للشباب، نجد أنفسنا أمام فرصة تاريخية لصياغة عقد جديد بين الدولة وشبابها، يقوم على الثقة المتبادلة والتكامل في الأدوار. مناسبة كهذه يجب أن تتحول إلى منصة لتقييم ما تحقق، وتحديد ما تبقى من أهداف، وتوحيد الجهود نحو موريتانيا أكثر إشراقاً وعدالة وازدهاراً.

 

فلنجعل من هذا اليوم نقطة انطلاق نحو مرحلة يكون فيها الشباب قوة اقتراح وبناء، لا مجرد متلقٍ للقرارات. ولنكرّس "مأمورية الشباب" كمشروع وطني جامع، يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويجعل من الحلم واقعاً، ومن الإمكان فعلاً. فموريتانيا الأمل ممكنة، إذا ما اجتمع العزم، والتحمت إرادة الدولة بقدرات شبابها، وسارت الأجيال معاً نحو الغد المشرق.