على مدار الساعة

عطش نواكشوط.. مضاربات في الأسعار.. ومواقف معارضة.. ورد رسمي..

7 أغسطس, 2025 - 22:33

الأخبار (نواكشوط) - تمتدُّ فترة انقطاع المياه في نواكشوط لأكثر من أسبوعين، ما جعل النقاشَ يدور حول الانقطاع، وتداعياته، وأسبابه، وتكرار أزمته التي فرضت نفسها موضوعا يتذمر منهُ المواطنون، ويُحتجُّ عليه المعارضون، وتبرره الجهات المسؤولة عنه.

 

تزامنا مع وضعية المياه الحالية، تجول فريق من وكالة الأخبار المستقلة، بولايات العاصمة نواكشوط الثلاث، لرصد آراء المواطنين، ووجهات نظرهم، حيث اشتكوا من واقع المياه، ومن طريقة الحصول عليه، واستاءوا من "المضاربات" التي تصحابُ الانقطاعات المتكررة.

 

مشهد التوزيع الميداني.. 

 

أمام مقرّ إدارة توزيع المياه بلكصر في نواكشوط الغربية، التابع لشركة المياه، توجد سيارات تابعة للحرس الوطني تنتظر نصيبها من المياه، وذلك عند بوابة مخصصة للعسكريين.

 

وبمحاذاة بوّابة العسكريين، تصطف عشرات الصهاريج عند بوابة للبائعين والمواطنين، ينتظرون أدوارهم للتزود بالمياه، وذلك مع وجود إدارة للتوزيع تُشرف على عملية التنظيم.

 

كما تتجمهر مركبات من أنواع مختلفة، مع مواطنين ينتظرون دورهم، وباعة يسعون للحصول على المياه لعرضها للبيع.

 

وفي مختلف نقاط توزيع المياه الخاصة التي زارها الفريق، يتمركز عشرات المواطنين إلى جانب أوعيتهم البلاستيكية؛ بعضهم يجلس عليها تحت أشعة الشمس الحارقة، وآخرون يراقبونها عن بُعد وهم يستظلون بما يجدون، ترقّبًا لوصول دورهم في الطابور.

 

تنظيم ومضاربات..

ووصف بائع المياه سيدي أحمد ولد محمد شركة المياه بأنها وضعت حدًّا لغلاء أسعار المياه التي كان صهريجها يُباع بـ50 ألف أوقية قديمة، و40 ألفًا، ووضعت خطة لبيع الطنّ بـ200 أوقية قديمة للمواطنين، وبـ350 أوقية قديمة لبائعي المياه من أصحاب الصهاريج.

 

ورأى ولد محمد أن أسعار بيع المياه ترتفعُ حسب طلب المواطنين، وليس بسبب أصحاب الصهاريج، وذلك باستعداد المواطن لدفع مبلغٍ معين ربما يكون مرتفعًا عن السعر العادي.

 

ووصف ولد محمد بعض أسعار المياه بـ"المُجحفة"، لكنها توافقُ بعض المستهلكين، ويرغبون في شرائها من تلقاء أنفسهم، حسب تعبيره.

 

وعن طوابير البائعين انتظارًا لأخذ حصصهم، قال ولد محمد إنّهم يأخذون المياه في غضون ساعة ونصف تقريبًا، مُطالبًا بتنظيم صارم من طرف السلطات لتوزيع المياه عليهم، وذلك على مستوى نقاط التوزيع المختلفة، لأنّ "أزمة المياه حرجة".

 

وأشار ولد محمد إلى أن بعض المواطنين يدخلون الطوابير انتظارًا للمياه، ويأخذونها بالسعر المحدد لهم من طرف الشركة، مؤكدًا أن المُضاربات تقعُ حين يبقى المواطن العادي مع بائع المياه فيُباعُ له وفقًا لهوى البائع.

 

وقال المواطن محمد الأمين سيداتي إنه قدم لإدارة توزيع المياه بلگصر من دار النعيم للبحث عن المياه، إلاّ أنّ الشركة تبيع لبائعي المياه بسعر محدد غير أنّ البائعين يبيعونه في المكان الذي يختارون، وبالسعر الذي يُريدون.

 

أزمة مزمنة وأسف..

 

ووصف ولد سيداتي طوابير المواطنين المنتظرين للمياه بالطويلة، مردفا أن وضعية المياه أضحت أزمة متكررة ومزمنة.

 

وتأسف ولد سيداتي لوضعية الخدمة "المزرية"، مؤكدًا أن المياه تدخل ضمن قطاع حيوي وضروري، لكنها غير متوفرة ويصعب الحصول عليها.

 

وذكر ولد سيداتي أن بعض المواطنين مستعدون لدفع أي مبلغ مقابل شراء المياه، في حين يعجز آخرون عن تحمل التكاليف، أو حتى التنقل بوسائلهم لتخزين مياههم بسبب بُعد المسافة أو صعوبة الحمل.

 

فيما شدّد المواطن الخطّاب جّا في تصريحه عند نفس النقطة بلكصر، أنه جاء لشراء المياه وتوزيعها على الأحياء الشعبية، والفقراء، إلا أنها غير متوفرة نهائيًا، وفق قوله.

 

وأضاف جّا أنه يريد المياه من الصهاريج، لأن الشركة لم توفره منذ أيام.

 

وقال جّا إنه يتعاقب منذ ساعات الصباح الأولى على مختلف الصهاريج لشراء الماء، لكنهم لا يوفرونه، متسائلًا عن سبب ذلك.

 

انقطاع مستمر..

وقال المواطن آبو آمادو، وهو من سكان مقاطعة الرياض بولاية نواكشوط الجنوبية إن المياه كانت تصلهم في ساعات متأخرة من الليل وتنقطع العاشرة صباحًا، إلا أنها انقطعت عنهم - حتى الآن - لمدة أسبوع.

 

وأضاف آمادو وهو يضع يده على وعاء للمياه، أنّ انقطاع المياه أتعبهم، في الوقت الذي يعيش فيه سكان الحي أزمة عطش جماعية.

 

فيما طالب المواطن صمبا ديالو بالمساعدة، وذلك لما قال إنه إرهاق للمواطنين بفعل انقطاع المياه المستمر لأكثر من شهر في بعض الأحياء.

 

وأردف ديالو أن طوابير المياه تشهد نزاعًا على السبق في الحصول عليها، وأن من يحصل على الماء يضطر لتوزيع بعضه على الجيران لعطش الجميع، وأن قنينة الماء أصبحت تباع في المحلات بـ200 بدل 100.

 

غلاء المياه..

واشتكت المواطنة ميمونة اعل صالح من غلاء أسعار بيع المياه، ذاكرة أن بائع المياه على العربات، كان يبيع لهم البرميل بـ200 أوقية قديمة، و أصبح يبيعه بمبلغ يتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، وفق قولها.

 

وشددت بنت اعل صالح على أن المعيشة لا تصح دون الماء، مطالبة الرئيس محمد ولد الغزواني بالتدخل لتوفير الماء - على الأقل - وأنهم سيتكفلون بأنفسهم ببقية متطلبات معيشتهم.

 

واقترحت المواطنة أم الخير إبراهيم على ولد الغزواني قطع خدمة الكهرباء مع توفير المياه، التي لا يمكن الاستغناء عنها، وأنهم لا يعرفون من أين يحصلون عليها.

 

من جهته، ذكر المواطن عمر صو، الذي يُرابط في نقطة بيع للمياه قرب مسجد النور بعرفات، أن سعر البرميل تجاوز 7 آلاف أوقية قديمة بدل 2000 في هذه الأيام، وأن المشكلة تكمن في الحصول عليه.

 

ونبّه صو إلى أن المواطنين يرابطون منذ فجر اليوم للحصول على المياه، وأن وسيلة الحصول عليها هي زيارة أماكن بيعها بعيدًا عن حنفيات المنازل.

 

وعدد المواطن ابّب عاليون مناطق بنواكشوط انقطع عنها المياه منذ أسبوعين، مردفا أن أسعار بيع برميل المياه عند أصحاب العربات في منطقتهم أصبح يصل إلى 5 آلاف.

 

موقف المعارضة..

وفي الـ31 من يوليو الماضي، احتجت المنظمة الشبابية لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) أمام مقرّ شركة المياه بنواكشوط "رفضاً للعطش، وتنديدا بالانقطاعات المتكررة للماء في العاصمة نواكشوط".

 

وردد المحتجون شعارات تنتقد "عجزَ" الشركة عن القيام بدورها في خدمة المواطنين، وتندد بواقعها "المؤسف".

 

وفي ذات السياق احتجّ عدد من نواب المعارضة، أمس الأربعاء أمام مبنى وزارة المياه والصرف الصحي، تنديدا بـ"أزمة العطش" ورفعوا أوعية مياه ابلاستيكية خاوية، تعبيرا عن الانقطاعات المتكررة للمياه، مستنكرين "المُضاربات" التي يقوم بها بائعو المياه نتيجةً لنُدرته.

 

واتهم النواب الوزارة بأنها تضنُّ على الشعب "المسكين، والمطحون بقطرة مياه" مشددين على أن الحكومة "عجزت عن توفير المياه للمواطنين، وتجب محاسبتها".

 

ردّ الوزارة

وفي المقابل، اجتمعت الوزيرة آمال بنت مولود بالنواب المحتجين، وبررت انقطاع المياه، بمستوى الطمي الذي قالت إنه وصل لمستويات لم يصلها من قبل، مشيرة إلى أن المنشأة الجديدة لإزالة الطمي بمنظومة آفطوط الساحلي بدأت تدخل الخدمة بشكل تدريجي، بعد اكتمال أعمال الربط والتجهيز الفني.

 

ولفتت الوزيرة في اجتماعها الى أن الطمي وصل في 21 يوليو الماضي إلى 2400 وحدة، وارتفع حتى زاد على 3000 وحدة، مضيفة أن الصيانة التي أنجزت الوزارة في السنة الماضية مكنت من المحافظة على الإنتاج.

 

وأرجعت الوزيرة ارتفاع منسوب الطمي إلى كميات الأمطار التي تساقطت على منبع النهر بغينيا.

 

وأكدت الوزارة - زوال اليوم عن طريق صفحتها بفيسبوك - تسجيل تحسن ملحوظ في خفض نسبة الطمي ورفع مستوى الإنتاج، مؤكدة أن القدرة الإنتاجية الحالية لمشروع آفطوط الساحلي وصلت إلى نحو 75% من الطاقة القصوى للمنظومة.

 

وأضافت الوزارة أنه تم مساء أمس الأربعاء تشغيل وحدتين إضافيتين، استكمالا لما بدأ يوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025، بتشغيل أول وحدتين، مؤكدة أن النتائج أظهرت أداء جيدا ولله الحمد.

وتعيش مناطق واسعة من نواكشوط في حالة عطش تام بعد انقطاع المياه عن بعضها لأيام، وبعضها لأسبوعين أو أكثر بعد ارتفاع "الطمي" في مياه النهر، وتأثيره على ضخ المياه باتجاه العاصمة من مشروع آفطوط الساحلي.