على مدار الساعة

من شرعية الخطاب إلى شرعية الإنجاز..

6 أغسطس, 2025 - 18:19
الدكتور: هارون ولد عَمَّار ولد إديقبي

[قراءة في إنجازات العام الأول من المأمورية الثانية لصاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني]

 

دُونَ تَعَمُّقٍ؛

ما إن انتهى العام الأخير من مأمورية، صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، الأولى، حتى ارتسمت في العام الأول من مأموريته الثانية ملامحُ الوتيرة التي ستُجَسَّد بها طموحاته.. فكان العام الأول وصالاً مليئا بالإنجازات، التي تلبي تطلعاته لهذا الوطن، وفصلاً متَّصلاً من فصول شرعية الميدان، التي يعكسها الإنجاز.

 

لقد بدأت أنْواءُ هذا العام المثقل بالإنجازات منذ الوهلة الأولى، من خلال البوادر الحسنة التي أعرب عنها في خطاب تنصيبه فاتح أغسطس 2025، "رئيسا لكل الموريتانيين، مهما اختلفت رؤاهم، وتباينت مواقفهم، قناعة منه، أنه مسؤول عنهم، وأمامهم جميعا، مسؤول عن آمالهم وتطلعاتهم المشروعة، التي سيعمل جاهدا على تحقيقها".

 

ولا شك أن كل ذي بصيرة يدرك أن عُهدتَه المنصرمة تحقق فيها عَهدَه بإرساء دعائم جسر العبور الآمن ببلدنا إلى مستقبل أفضل من خلال ما حُقِّق من إنجازات أحسَّ المواطن أثرها الإيجابي في حياته اليومية على مختلف الأصعدة، كالأمن والاستقرار، وصون الوحدة الوطنية، وتهدئة الحياة السياسية، ومكافحة الفقر والغبن والإقصاء، ودعم الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة، وتحسين النفاذ إلى الخِدْمات الأساسية، والتأسيس للمدرسة الجمهورية، وتعزيز البنى التحتية، والعمل على تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات الإنتاجية، أو بمعنى آخر ، التأسيس إجمالا لتنمية مستدامة شاملة.

 

كل هذه الإنجازات كانت رافعة أساسية للدعائم التي أقام عليها طموحه للوطن في عُهدته، منطلقة من أساسات تعهداته الراسخة التي حقق في مأموريته الأولى.

 

لقد رفعت هذه الدعامات التي أقيمت على أساسات قوية في المأمورية الأولى من أجل رفع التحديات التي تواجه بلدنا والتي أجملت في برنامج طموحي للوطن في خمس (5) تحديات تتعلق بمدى رسوخ دولة المؤسسات والحكامة، والضعف البنيوي للاقتصاد، وعدم جاهزية مواردنا البشرية، وتحصين وحدتنا الوطنية وانسجامنا الاجتماعي، وأخيرا التحدي الأمني والجيوسياسي.

 

وإدراكا لجسامة هذه التحديات الخمس المتداخلة، كان العملُ على رفعها المقصدَ الأول لبرنامج "طموحي للوطن"؛ سبيلا إلى تحقيق تطلعات الشعب الموريتاني المتمثلة أساسا في: دولة قانون ومؤسسات قوية وذات حكامة عصرية ورشيدة، واقتصاد قوي الأداء صامد ومستدام بيئيا، ورأس مال بشري ذي تكوين وتأهيل جيدين خاصة فئة الشباب فيه، ووحدة وطنية قوية لاندماج اجتماعي متكامل، وأمن واستقرار راسخين، ودور دولي وإقليمي فعَّال.

 

لذا جاء إلزام حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي، ومنذ رسالة تكليفه، بهذه التطلعات؛ ليكون ترجمةً ميدانيةً لهذا البرنامج، مُعلنا عنه بشكل واضح في السياسة العامة لحكومة التمكين، التي أبرزت هذه التطلعات في محاورها الأساسية.

 

وبعد عرضها على الجمعية الوطنية انطلقت وُرَش العمل دون إمهال ولا إهمال في انتظار إعداد السياسات القطاعية وتعبئة الموارد الضرورية؛ ليتركَّز العمل الحكومي خلال الأشهر المتبقية من عام 2024 في خمس (5) ورشات أساسية ، تتعلق بــ: تسريع إنجاز المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها، ورفع كل التحديات التي تعيق أو تبطئ إطلاق بعض الموارد الضرورية لتنفيذها، وتصور وإطلاق برامج عاجلة لتحسين ظروف المواطنين، وإشراك المواطنين في متابعة العمل الحكومي، وأخيرا إطلاق بعض الدراسات الضرورية لتنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية التي وردت في السياسة العامة للحكومة.

 

لقد شكَّل إطلاق هذه الورشات وتنفيذ مضامينها في ثلاثة (3) أشهر تحديا كبيرا ليس في فقط في الزمن ولكن في تشعُّب آليات تنفيذها. وهو تحد أثبتت حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي تجاوزه بنجاح من خلال الحصيلة التي قدمتها أمام الجمعية الوطنية في يناير 2025. لقد وصفت هذه الحصيلة بالخرافية، حيث استطاعت الحكومة إكمال 11 مشروعا من أصل 13 مشروعا، وسرَّعت العمل من أجل وضع حجر الأساس لـ:7 مشاريع من 9 مشاريع ، و اتخذت إجراءات عاجلة لتنفيذ عشر (10) برامج تدخل سريع قاسمها المشترك تحسين ظروف عيش المواطنين، وأطلقت 11 دراسة تعتبرها ضرورية لتنفيذ الإصلاحات الجوهرية المبرمجة في إعلان السياسة العامة للحكومة، وفي الوقت ذاته نجحت في إطلاق آليات غير مسبوقة تُشركُ المواطن وممثليه في مراقبة العمل الحكومي من خلال ثلاث مبادرات تم اطلاقها بنجاح: (منصة عين، ومجتمع الصحة، ومجتمع المدرسة).

لقد أعطى هذا الالتزام الجسور والتنفيذ المحكم النزيه في هذه الفترة القصيرة تشجيعا كبيرا للمواطنين في الوثوق بالتزامات الحكومة خلال عرض آفاق عام 2025.

 

وقد مكَّن تقديم هذه الآفاق في شكل برنامج وخطط عمل وورشات تشكل خيطا ناظما لبرنامج صاحب الفخامة "طموحي للوطن"، وفقا لمنهجية جديدة تماما تسمح للجمعية الوطنية، من بناء يقين تحققها لدى المواطن الموريتاني "الكامل" حتى لا نقول "البسيط" أينما كان، يقين ينطلق من بساطة آليات تقييم أداء الحكومة وإمكانات محاسبتها على أسس واضحة عند انتهاء الآجال المحددة لهذه البرامج.

 

إن هذه المنهجية رغم ما يكتنفها من مخاطرة سياسية وما تشكل من ضغط إضافي على العمل الحكومي، تَنُمُّ عن مقدار استشعار المسؤولية ونبذ أي شكل من أشكال التقصير أو التباطؤ. وبفضل المتابعة اللصيقة والالتزام الدقيق، والتصميم الراسخ تمكَّنت الحكومة من جعل هذه الآفاق واقعا في العام الأول من هذه المأمورية وبلغة الأرقام الشاهدة التي تجسد بداية تحقيق الطموح / التطلع.. ولا شك أنها بداية موفقة. فبحجم الطموح ومقدار التطلع كان الجهد مضاعفا من أجل:

 

أولا: إكمال مشاريع كبرى أطلقت في المأمورية الأولى، يتعلق الأمر بإكْمال (24 مشروعا) خاصا بالبنية التحتية الإدارية، (بناء المقرات الإدارية التي تعكس السيادة الإدارية، التي داسها جشع الخواص الآجِرِين، واستقلالية المرفق العمومي)، والتعليمية، (بناء المؤسسات التعليمة التي تكرس المدرسة الجمهورية وتصلح منظومتنا التعليمية)، والصحية (بناء المؤسسات الصحية التي تمكن من تعزيز النفاذ إلى الصحة العامة)، والنفاذ إلى مياه الشرب وتعزيز السيادة الغذائية، وتحسين شبكة الطرق وبناء الجسور، وتمكين الشباب. مشاريع باتت مكتملة بفضل المتابعة والتنسيق المحكم شكَّلت نُقلة نوعية في هذه المجالات.

 

ثانيا: تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع الهيكلية التي أطلقت لتنتهي في الآجال المحددة أو قبلها، يتعلق الأمر بـ(48 مشروعا) تشمل البنية التحتية الطرقية الصحية والتعليمية والمياه والرقمنة والسيادة الغذائية، والطاقة والصيد، والمقار الإدارية، وبفضل المتابعة اللصيقة التي شهد هذا العام الأول بلغ متوسط تنفيذها أكثر من 60%. وما من شك أن اكتمال هذه المشاريع مع نهاية 2025 سيشكل تغييرا جذريا في خارطة البنية التحتية الوطنية وخصوصا في مجال الطاقة والمياه والصحة والطرق، مما سينعكس إيجابا على تحقيق الرفاه للمواطنين بل وعلى تطوير الصناعات؛ لما تحدثه هذه المشاريع من "تحول" كبير وبشكل مضاعف.

 

ثالثا: وبالتزامن مع هذا أطلقت الحكومة مشاريع استراتيجية وبرامج تسعى إلى تغيير جذري في تعميم النفاذ للخدمات الأساسية للتنمية المحلية ذي المكونات الثمانية: (الصحة، التعليم، المياه، الزراعة، الطرق، الكهرباء، فك العزلة، ومكونة الشباب)، وبشكل استعجالي لعصرنة وتنمية مدينة نواكشوط. تعتبر هذه المشاريع استراتيجية في بعدها الوطني لكونها تحقق أهدافا أساسية في مجال التنمية المحلية وتعيد التوازن الإنمائي بين المراكز الحضرية والأطراف وفي فترة قياسية. لقد تم إعداد هذه البرامج بشكل تشاركي غير مسبوق ولأول مرة في تاريخ البلاد، وستمكِّن من: بناء 1400 حجرة دراسية في نواكشوط، و6613 حجرة دراسية داخل البلاد، وبناء مركزين (2) استشفائيين كبيرين، وثلاثة (3) مستشفيات جهوية، و57 مركزا صحيا، و198 نقطة صحية، و925 بئرا ارتوازية، و196 شبكة مياه، و78 خزان مياه، وكهربة 400 قرية، واقتناء 30 مولد كهرباء، وتعبيد 136 كيلومتر من الطرق، في  نواكشوط، وفك العزلة عن 100 قرية في الداخل، وبناء 173 حظيرة تلقيح حيوانات، وتشييد 38 سدا زراعيا، وتوزيع 875 كيلومترا من السياج، وتسخير 21400 ساعة عمل لتعزيز السدود والحواجز في جميع أنحاء البلاد، وبناء مسبح شبه أولمبي وصالات وملاعب رياضية، وبناء سرح مَعْلَمِيٍّ رمزي في نواكشوط (مَعْلَمَة نواكشوط)، بالإضافة إلى خلق  1600 فرصة عمل للشباب في مجالات الصيد والزراعة،

 

رابعا: وبين هذا وذاك يجري التحضير لإطلاق مشاريع أخرى مهمة (26 مشروعا) ستسهم في نقلة كبيرة في مجالات الطاقة والتعدين والزراعة والصحة، والصيد، والمياه، والسدود، وستحدث هذه المشاريع تغييرا جذريا في هذه المجالات، لا سيما في مجال المياه والزراعة والطاقة حيث ستوفر فائضا كبيرا في هذه المجالات.

 

خامسا: لم تكن هذه المشاريع المكتملة والتي سُرِّعت وتيرة تنفيذها أو يُحضَّر لإطلاقها لتتكلل بالنجاح لولا الإصلاحات البنيوية التي أطلقت لتعزيز الحوكمة، تمثلت في إدارة اقتصادية صارمة وحكيمة ومسؤولة ستُوصل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4% في عام 2025، مع السيطرة على التضخم عند 2.5%، بانخفاض عن التوقعات الأولية. وسترفع الإيرادات العامة بمقدار 6.8 مليار أوقية، وذلك بفضل تحسين التحصيل الضريبي، مما سيساعد على التحكم في العجز عند 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالإضافة إلى الجهد الكبير المبذول في تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بالفساد والذي تمخض عنه إصدار القوانين الناظمة للفساد: (مكافحة الفساد وقانون التصريح بالممتلكات والمصالح)، واستحداث إطار مؤسسي للمكافحة (السلطة الوطنية لمكافحة الفساد)، و يأتي إصدار قانون جديد للشراكة بين القطاعين العام والخاص مشكلا ثورة قانونية كبيرة لتنظيم هذه الشراكة وتأسيسها على أسس واضحة. هذا بالإضافة إلى إصدار قانون تنظيم النشاط الصناعي وإصدار قانون استثمار جديد، ولا شك أن هذه الترسانة القانونية بالغة الأهمية لها تأثير مباشر على مناخ الاستثمار وتحفيز المستثمرين وحكامة المقاولات خصوصا مع تصنيف هذه المقاولات وتأهيلها، والحد من استخدام صفقات التراضي كطريقة لمنح العقود (خفض حصة الاتفاقيات المباشرة في الميزانية الإجمالية من 32% إلى 15% عند مقارنة النصف الأول من عام 2024 وعام 2025).

 

وسيؤدي التحضير للانتقال من ميزانية الموارد إلى ميزانية البرنامج المخطط لها لعام 2026 إلى تحسين أوجه صرف الموازنة العامة وبلوغ أهدافها.

 

لقد أثمرت هذه الإصلاحات تحسين الوضع المالي لبعض المؤسسات الوطنية كالشركة الموريتانية للكهرباء (SOMELEC) والشركة الوطنية للماء (SNDE)، حيث انعكس على التوازن بين مداخيل هذه الشركات ونفقاتها ولأول مرة منذ سنوات، كما أدت هذه الجهود إلى الإصلاح الجاري لسوق الصرف الأجنبي، وتنظيم الأسواق المالية وإنشاء هيئة تنظيم الأسواق المالية لأول مرة في بلادنا.

 

ولا شك أن إنشاء آلية رقمية لمراقبة العمل الحكومي والتبليغ عن الاختلالات الخدمية العامة يعد سابقة في التاريخ الوطني، بل في مجالنا الإقليمي، لتعزيز الحوكمة الإدارية ووسيلة ناجعة لتطوير العمل الإداري و إرجاع الثقة في الإدارة، فقد مكنت منصة "عين" من معالجة 13000 طلب بنسبة معالجة نهائية بلغت 98% وهو رقم قياسي يعكس قوة تفاعل المواطنين، ويعطي كذلك صورة عن استيعاب المواطن للتحول الرقمي الجاري خصوصا في مجال رقمنة وتسريع الإجراءات الإدارية وتطوير التطبيقات الوطنية الأخرى ( هُوِّيتي، سراج، خِدماتي، السوابق العدلية، إنشاء المؤسسات، طلبات الاعتماد، المخالفات المرورية).

 

سادسا: لقد مكَّنت القرارات التي اتخذت في هذا العام والتي تجسد العدالة الاجتماعية من مواكبة هذه المشاريع وبسلاسة. وفي هذا الإطار يشكل اعتماد سياسة تثبيت الأسعار الأساسية والاستراتيجية عنوانا بارزا في تسهيل الحياة اليومية للمواطنين، كما تلعب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذا العام دورا كبيرا في تحقيق العدالة الاجتماعية وقمع الهشاشة، يأتي إنشاء صندوق سكن المدرسين، وإقرار التأمين الصحي للوالدين، والتأمين الصحي لجميع طلاب التعليم العالي، في مقدمة القرارات ذات الدلالة الاجتماعية القوية. بيد أن الحدث الأهم الدال في هذا السياق هو تسوية أوضاع 2700 عامل متعاقد مع الشركة الوطنية للكهرباء ومؤسسات الإعلام العمومي، وتوفير المأوى للحمالة بتوزيع قطع أرضية وفاء بالوعد الذي قطعه رئيس الجمهورية لهم خلال الإفطار الرمضاني الذي حضره والذي يشكل إحدى العناوين الأساسية لتجسيد هذه العدالة الاجتماعية.

 

وبشكل حاسم يبقى ما تقوم به المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء "التَّآزر" بالغ الأثر في قمع الهشاشة والإقصاء سواء في مجال "تعمير" العقول بنبذ العقليات البائدة وبناء عقل وطني عامر بالوحدة والوئام وتجاوز مآسي الماضي، أو تعمير "الجيوب" وفتح مخابئ الفقر والإقصاء ومخلفات الاستعباد، كلها تدخلات تؤدي إلى انتشال المواطن أي مواطن من قارعة الطريق.

 

لكنَّ قطع أشواط كبيرة في مسائل مصيرية أزمنت وأفسدت يُعدُّ عنوانا مفصليا في هذا العام ومن ذلك موضوع "الأدوية " المؤرق للمواطن والمستنزف للثقة والأرواح فلأول مرة تطبق إجراءات صارمة بالنسبة لتسجيل الأدوية ونقلها وتسويقها وتقطع خطوات كبيرة في مجال محاربة تهريبها وتزويرها وتنظيم القطاع الصيدلي.

 

سابعا: لقد أدى الوئام الداخلي والاستقرار السياسي الوطني إلى تعزيز الأداء الدبلوماسي لبلدنا ما مكَّنها من ترأس الاتحاد الافريقي وبالإجماع، وحشد التمويلات اللازمة لخطة التنمية الوطنية 2025/2030خصوصا في مجلات الطاقة المياه، النقل، البنية التحتية الرقمية.

 

يثبت هذا الأداء الدبلوماسي الفعال نجاح الجهود التي أدت إلى انتخاب مرشحنا الدكتور سيدي ولد التَّاه رئيسا للبنك الافريقي للتنمية وهو منصب كان صعب المنال لولا فاعلية هذ الأداء الدبلوماسي الذي قاد صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني بنجاح، والأثر الأخلاقي الكبير الذي تركه في نفوس القادة الأفارقة.

 

وبعدُ: فقد حدثت كل هذه الإنجازات في العام الأول من هذه المأمورية في جو يطبعه الانفتاح والتهدئة السياسية وتخليق الفضاء العام بعد دعوة صاحب الفخامة إلى  َهَّبٍة جماعية لمواجهة التحديات، وفتح صفحة جديدة زاخرة بالأمل لصياغة مستقبل ومنح الشعب الحياة الكريمة التي يستحق.

 

ثمَّ إن الدعوة إلى حوار وطني شامل لا يقصي أحدا ولا موضوعا تعد بادرة وفرصة نادرة لحلحلة رواسب القضايا التي يتواصل العزف عليها من قبل بعض النُّخَب "الدَّهْريَّة" التي استمرأت العزف على أوتار الفُرقة، وسيشكل إيجاد حلول نهائية وشفافة لها، وقف استنزاف رصيدنا من الوئام الوطني، وتمتين اللحمة الوطنية، وإنهاء المزايدة.

 

وكل هذا سيؤدي إلى تجديد الطبقة السياسية وتمكين الشباب من زمام القيادة، وتحييد من لا يمكنه مواكبة هذه التطلعات ممن يؤدي استحكامه إلى خيبة أمل الأجيال المتطلعة الى لعب دورها الوطني الذي تمليه مرحلتها بناء على تعهدات صاحب الفخامة لهذا الجيل الطامح في هذه المأمورية التي أراد لها أن تكون بالشباب وللشباب. لن يكون ذلك إلا من خلال تكريس السياسات العمومية لمحاربة البطالة، ولتعليم وتكوين ودمج الشباب، كل الشباب، مهما اختلفت مساراته. وتفعيل الجهاز الإداري المدعوم بالإمكانات الضرورية والصلاحيات الواسعة، ومعالجة قضايا الشباب بكل أبعادها، وتطوير آلية تجميع وتصريف قدراته من خلال ترقية الخدمة التطوعية المدنية، التي وضعت لتُسهم في التأطير والتكوين وغرس قيم التآخي والمواطنة. وقد كان وضع أسسها في العام الأول من هذه المأمورية بادرة مهمة وأملا في استكمال باقيها في السنة الثانية من هذه المأمورية.

 

ورغم التحديات الكبيرة التي يواجه "التمكين" يبقى خذلان النخب الشابة، ومجابهة عتاة النَّفعيين العائق الأكبر الذي سعت إنجازات هذه العام إلى تخطِّيه من خلال تأسيس شرعية تقوم على الإنجاز بدل الخطاب، الذي خذلته النخبة الشابة وحاربه عتاة المتشبثين بــ: "المكان" و"الزمان" و"الحلبة" و"الميدان"، فشرعية الإنجاز هي وحدها ما أقنع الشعب.. بجدية الخطاب وصدقية الطموح.