الأخبار (نواكشوط) - نظم المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية اليوم السبت ندوة بنواكشوط تناولت "أوراق موريتانيا في التنافس الأمريكي الروسي.. بين الاقتصاد والدبلوماسية".
وترأس الندوة الدكتور عبد الله بيان، وعرفت مشاركة عدد من الأساتذة الباحثين والخبراء الاقتصاديين وشخصيات سياسية.
الدبلوماسية والتنافس
السفير الموريتاني السابق بمالي سيد محمد ولد حننا أوضح أن منطقة الساحل ظلت لفترة منسية، إلا أنه ونظرا لما شهدته من تقلبات وانفجار للموارد والثروات غير المستغلة وهشاشة للأمن في دول التحالف الثلاث النيجر ومالي وبوركينا فاسو أعاد التنافس الدولي للواجهة.
ورأى السفير ولد حننا أن فرنسا ورغم الانقلابات المتتالية في دول الساحل لا زالت حاضرة وجدانا وفكرا وسلوكا بدول الساحل، وهي تنتظر الفرصة لتقتنصها وتعيد نفوذها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة كونها المهيمنة عسكريا وتنمويا فإن تراجع نفوذها التنموي، أظهر لاعبا جديدا وهو روسيا التي ولجت عبر قوتها العسكرية، والصين التي تستحوذ على غالبية مشاريع البنى التحتية بدول الساحل، وكذا تركيا وإيطاليا اللتان تبحثان عن موطئ قدم لهما.
وذكر أن النفوذ الأمريكي يرتكز على مكافحة الإرهاب والسيطرة على موارد الطاقة فضلا عن التنافس مع اللاعب الروسي للوصول إلى موارد الطاقة، وهو ما انعكس في المواقف الأمريكية تجاه القارة الإفريقية.
فيما ارتكز النفوذ الروسي – يضيف ولد حننا - على التدخل عبر الولوج من خلال الخيار العسكري مستغلا هشاشة الأنظمة ما مكنه من السيطرة على أماكن توريد الطاقة، فضلا عن توافد شركات الطاقة الروسية من أجل تأمين ممر للطاقة إليها وتقويض النفوذ الغربي، وكذا استحواذ روسيا على 49% من صادرات السلاح لهذه الدول.
ولفت السفير ولد حننا إلى أن موريتانيا استطاعت بفعل تماسك جبهتها الداخلية أن تحافظ على علاقة متوازنة مع دول الساحل بما فيها دول التحالف المنهار G5، فضلا عن العلاقة الودية مع روسيا وكذا الناتو والاتحاد الأوربي.
ملامح النفوذ الدولي
الدكتور عبد الصمد ولد امبارك استعرض في مداخلته طبيعة المساحة الجغرافية والتشكلة الديموغرافية لمنطقة دول الساحل، فضلا عن العوامل التي جعلتها تتصدر الأحداث وطبيعة الجماعات المسلحة النشطة بها والتي أصبح جزءا منها يساوم على النفوذ الدولي في ظل انهيار الدولة.
وأشار ولد امبارك إلى أن التحديات الأمنية والتنموية لمنطقة الساحل راجعة لعدم الاستقرار السياسي نتيجة ظاهرة الانقلابات المتتالية، وكذا الفقر والبطالة وضعف المؤسسات الحكومية، إضافة للتدخلات الخارجية بمختلف أشكالها.
كما تطرق ولد امبارك لمسار مجموعة دول الساحل والأحداث التي أعقبته ورسمت تحالفات جديدة داخل دول الساحل نفسها، وهو ما أنتج تعدد النفوذ الخارجي المتواجد بالمنطقة رغم اختلاف أشكاله والمنحصر مصدره أساسا في القوتين الأمريكية والروسية.
فرص موريتانيا
الأستاذ محمد ولد العابد أكد أن الحضور الروسي الاقتصادي تضاعف خلال الفترة الأخيرة بدول الساحل من ناحية الأمن والتعدين، في حين تراجع الدعم التنموي الأمريكي لهذه الدول رغم محاولتها التعويض عن ذلك بالنفوذ السياسي كما هو مشاهد في المصالحات التي رعتها.
وأضاف ولد العابد أن هذا التنافس يشمل عرض النموذجين المتغايرين وإبراز خصائص كل منهما، مشيرا إلى الفرص المتاحة لموريتانيا عبر شواطئها باعتبارها بوابة بحرية يمكن أن تتحول إلى مركز إقليمي.
وأشار إلى أن من الأوراق الاقتصادية التي تملكها موريتانيا ويمكن أن تستغلها كونها تربط بين المغرب العربي وجنوب إفريقيا، فضلا عن الثروات المعدنية بمختلف أصنافها وكذا الغاز وإمكانية جعلها مركزا لوجستيا يمد منطقة الساحل.
تعزيز الجبهة الداخلية
الأستاذ المصطفى سيدات رأى أن أكبر تصدع داخلي هو عدم قدرة النظام السياسي خلال الأربعين السنة الأخيرة أن يفضي إلى تداول سلمي على السلطة، وهو ما أدى لفقدان الثقة في المؤسسات الدستورية.
وأكد مصطفى سيداتي – وهو عضو سابق في مجلس الشيوخ – أن هذا الوضع يستلزم مراجعة النظام الديمقراطي، وإعادة هيكلته على أسس سليمة.
وأضاف أن التصدع الثاني هو التحول غير المدروس بعد اندثار كافة عناوين الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني التي تأسست خلال فترة التسعينات، وهو ما يستدعي تعزيز الجبهة الداخلية لضمان عبور آمن للبلد.
وأشار إلى أن التصدع الحاصل أيضا في الجانب الاقتصادي والذي أنتج ثلة قليلة ثرية وأغلبية فقيرة تسرب إلى الخطاب السياسي ممثلا في خطاب الكراهية، مضيفا أن مسؤولية ترميم هذه التصدعات لم تعد مقتصرة على الحكومة بل تتجاوزها إلى المجتمع.
ولفت ولد سيدات إلى أن الترميم لهذه التصدعات يستلزم توافقا اجتماعيا يتم عبر حوار يشرك فيه الجميع، ويناقش الحلول الأنجع لكافة الإشكالات كالهجرة والبطالة والفساد.
وشهدت الندوة مداخلات وتعقيبات لعدد من الدكاترة والباحثين.