الأخبار (نواكشوط) – قال محافظ البنك المركزي الموريتاني محمد الأمين ولد الذهبي إن البنك حقق خلال 2024 نقلة نوعية في تحديث الإشراف البنكي، حيث عزز منظومته من خلال التبني التدريجي لمعايير "بازل: 3"، ونشر أدوات رقمية مثل منصة الإشراف المصرفي BSA، وتكثيف مهام الرقابة.
وأضاف ولد الذهبي في تقديمه للتقرير الصادر عن البنك للعام 2024، والذي سلمت نسخة منه للرئيس محمد ولد الغزواني أن هذه الجهود مكنت من إرساء مقاربة أكثر استباقية، قائمة على تقييم المخاطر، مع تعزيز الرقابة على مؤسسات الائتمان، ومؤسسات التمويل الأصغر، ومؤسسات الدفع.
وتحدث ولد الذهبي عن تركيزهم بشكل خاص على احترام المتطلبات الاحترازية، والوقاية من المخاطر النظامية، وتأطير القطاع المالي غير البنكي الذي يعرف توسعا مستمرا.
وأكد ولد الذهبي أن البنك المركزي الموريتاني عزز في سنة 2024 آليات الرقابة في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (FT/LBC)، كما تم إنشاء منصة تقنية لضمان التتبع الأني للمعاملات الحساسة عبر المحافظ الإلكترونية، كما أعيد تفعيل وحدة RNC لتجميع وتحليل البيانات.
وقال ولد الذهبي إن عمليات تفتيش موجهة قام بها البنك المركزي كشفت عن نواقص هامة، خصوصا هياكل المطابقة، واستكمال ملفات "تعرف على زبونك KYC"، مردفا أن هذه الملاحظات دفعت البنك إلى إصدار توصيات صارمة من أجل تعزيز قدرات الكشف، والتبليغ، وإدارة المخاطر المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب على مستوى القطاع البنكي.
ونوه ولد الذهبي بتنفيذ البنك المركزي لثلاث استراتيجيات وطنية هيكلية، وصفها بأنها تجسد إرادة بناء منظومة مالية حديثة، شاملة، وقادرة على الصمود، لافتا إلى أن هذه الاستراتيجيات تم إعدادها وفق مقاربة تشاركية، ضمت فاعلين من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني.
وعدد ولد الذهبي الاستراتيجيات الثلاث، وهي الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي (SNIF)، التي تم اعتمادها للفترة 2023 – 2028، وتهدف إلى بناء قطاع مالي شامل، ومرن، ومستدام، من خلال ضمان الوصول إلى خدمات مالية ذات جودة، ملائمة، وميسورة التكلفة لجميع الموريتانيين.
كما تهدف – وفق المحافظ - إلى تحقيق معدل إدماج مالي لا يقل عن 63% بحلول 2028، وترتكز على خمسة محاور استراتيجية كتكثيف عرض الخدمات، الرقمنة، وتنظيم ملائم، وتعزيز القدرات، وتشجيع التمويل الأخضر والشامل.
أما الاستراتيجية الثانية، فهي الاستراتيجية الوطنية للمدفوعات الرقمية (SNPN)، التي تم إعدادها لمواكبة طموح بناء اقتصاد رقمي موريتاني حديث وشامل، وتهدف إلى جعل المدفوعات الرقمية رافعة للشمول المصرفي، وشفافية التدفقات الاقتصادية، وتقليص الاعتماد على النقد.
وأضاف أن هذا النظام يسهم في تسهيل التحويلات بين المحافظ الرقمية والبنوك، وتقليص التكاليف، وتعزيز الشمول المالي، كما يشجع الابتكار من خلال إطار ملائم لنشوء شركات التكنولوجيا المالية (Fintech)، وتبسيط التنظيم، وتوحيد المعايير التقنية.
وحدد ولد الذهبي الاستراتيجية الثالثة في الاستراتيجية الوطنية للتهذيب المالي، التي تهدف إلى تعزيز المعارف المالية للمواطنين حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات مستنيرة في استخدام الخدمات المالية، مردفا أنه في سنة 2024 تم تطوير مواد تربوية ملائمة، وتنفيذ برامج توعوية في المدارس، وتوقيع شراكات مع وسائل الإعلام، والجامعات، والجمعيات وتم التركيز بشكل خاص على التمويل المسؤول، وأمن المدفوعات، والوقاية من المخاطر الرقمية.
ووصف ولد الذهبي هذه الاستراتيجيات الثلاث، بأنها تشكل رغم استقلالية تسييرها، نواة منسجمة ومتكاملة لتحديث القطاع المالي الموريتاني، مردفا أن البنك المركزي الموريتاني يتابع تنفيذها عن كثب، من خلال آليات تنسيق متعددة القطاعات، ولوحات مؤشرات، وتقييمات دورية للأداء.