تُشُكل سلسلة اللقاءات التي أجرتها رئيسة النادي الموريتاني للجاليات، السيدة عربية سيد إبراهيم، مع نخبة واسعة من الفاعلين السياسيين والمدنيين والمؤسساتيين، مؤشراً قويا ً على فعالية حراك النادي وقدرته على التأثير في الأجندة الوطنية. يمكن استجلاء عناصر القوة في هذا الحراك من خلال الجوانب النوعية الخمسة التالية:
أولا: المبادرة الاستراتيجية والتوجه نحو مركز الثقل:
القوة الأولى تكمن في المبادرة التي أطلقها النادي، حيث كان "أول جهة بادرت بلقاءات تمهيدية وطرحت بشكل واضح أهمية إشراك الجاليات في الحوار "النادي الموريتاني للجاليات 2025". هذا يشير إلى رؤية استباقية ووعي بأهمية التوقيت.
الأهم من ذلك هو أن هذه اللقاءات انطلقت بلقاء المنسق العام للحوار الوطني، السيد موسى فال (8 مايو 2025)، ثم اختُتُمت - حسب المعلن - بلقاء معه عبر "زووم" 19 يونيو 2025. هذا التمركز حول الشخصية المحورية المسؤولة عن الحوار يوضح استراتيجية النادي في استهداف مركز القرار والتأثير، مما يضمن وصول رسالتهم مباشرة إلى الجهة المعنية بإدارة الحوار وتنفيذ توصياته.
ثانيا: الشمولية والتنوع في الأطراف المُسُتهدفة (الاستجابة الواسعة):
تُظُهر قائمة الشخصيات التي التقتها رئيسة النادي الموريتاني للجاليات استجابة واسعة وغير مسبوقة من مختلف مكونات المشهد السياسي والمدني في موريتانيا. والتي عكست بجلاء عناصر قوة الثقافة الشنقيطية المرنة المنتصرة للقاء والحوار، وقد شملت هذه اللقاءات:
رؤساء أحزاب سياسية وازنة: مثل رئيس حزب الإنصاف (الحاكم)، وزعيم المعارضة، ورؤساء أحزاب قوى التقدم، والصواب، والاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، والإصلاح، وجبهة العدالة والمواطنة.
هذا التنوع يضمن طرح قضايا الجاليات على طيف واسع من المكونات السياسية الحزبية، مما يعكس قبولا بفكرة إشراك الجاليات على مستويات مختلفة من الطيف السياسي.
شخصيات وطنية بارزة: مرشحون سابقون للرئاسة (أوتوما سوماري، النائب العيد ولد محمدان)، شخصيات ثقافية (الدكتور سيدي محمد ولد البكاي)، ورؤساء لجان ومراصد حقوقية (رئيسة المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة، رئيس لجنة حقوق الإنسان).
هذا التنوع يضيف بعُداً مجتمعيا وحقوقيا وإنسانيا لقضايا الجاليات، متجاوزا البعد السياسي البحت.
شخصيات مؤسساتية: المدير العام للأكاديمية الدبلوماسية. هذا يفتح آفاق التعاون مع المؤسسات التي تُعُنى بالتمثيل الخارجي والكوادر الدبلوماسية.
هذه الشمولية في اللقاءات تبُرز ثقل النادي وقدرة رئيسة على مد الجسور مع مختلف التيارات، مما يعكس احتراما وتقديرا لدور الجاليات وقضاياها.
ثالثا: انتظام وتتابع اللقاءات (الحراك اليومي المكثف):
يشير تتابع اللقاءات بشكل "شبه يومي" (من 28 مايو إلى 14 يونيو 2025) إلى حراك مكثف وممنهج، وليس مجرد فعاليات عارضة. هذا الانتظام يرُسل رسالة واضحة حول جدية النادي والتزامه بالقضية التي يدافع عنها.
إن التناغم بين اللقاءات المباشرة والاجتماعات الافتراضية (مثل لقاء الزووم) يدل على مرونة النادي في توظيف مختلف الأدوات للوصول إلى أهدافه، مما يُعُزز من فعالية تواصله وقدرته على الاستفادة من التكنولوجيا.
رابعا: قوة القيادة (شخصية السيدة عربية سيد إبراهيم):
على هذا الجانب، ومن خلال رصد ومتابعة هذا الحراك المدني ببعده السياسي التنموي يتجلى بوضوح "قوة حراك النادي في شخص رئيسته عربية سيد إبراهيم" (النادي الموريتاني للجاليات 2025). هذا يدل على أن قيادتها الفعالة وشخصيتها المؤثرة لعبت دورا محوريا في فتح الأبواب أمام النادي.
إن قدرتها على التواصل بفعالية مع هذا الطيف الواسع من الشخصيات ذات الثقل السياسي والاجتماعي يدل على امتلاكها لمهارات دبلوماسية وتفاوضية عالية، إضافة إلى فهم عميق للقضايا التي تمثلها.
خامسا: النتائج الملموسة (لفت الانتباه والمشاركة في أول جلسة تحضيرية):
لم تكن هذه اللقاءات مجرد فعاليات بروتوكولية، بل أسفرت عن نتائج ملموسة. فالنص يؤكد أن النادي "نجح في لفت انتباه منسق الحوار لضرورة إشراك المغتربين"، بل "ونجح بالدفع بمجموعة من محبيه والمؤمنين بفكرته في خدمة المغتربين للمشاركة في أول جلسة تحضيرية افتراضية" (النادي الموريتاني للجاليات 2025).
هذه النتائج تُعُطي دليلا عملياً على أن جهود النادي لم تذهب سُدى، وأنها بدأت تثُمُر إشراكا فعليا للجاليات في المسار التشاوري الوطني.
الخلاصة:
تُشكل هذه اللقاءات المنظمة والمكثفة التي قادتها رئيسة النادي الموريتاني للجاليات، السيدة عربية سيد إبراهيم، شهادة على تطور حراك الجاليات في موريتانيا.
إن الشمولية في استهداف الفاعلين، والتتابع الممنهج للقاءات، وقوة الشخصية القيادية، والنتائج الملموسة، كلها عناصر تُبُرز أن النادي الموريتاني للجاليات - ومن خلاله المغترب الموريتاني عموما - لم يعد مجرد فاعل هامشي، بل أصبح شريكا ً فاعلا يسُاهم بجدية في صياغة الأجندة الوطنية، وخاصة فيما يتعلق بتمثيل وإدماج المغتربين في المشهد العام.
المراجع
1. الموقع الرسمي للنادي الموريتاني للجاليات،
2. عدد من المواقع والصفحات الرقمية الموريتانية