على مدار الساعة

بالحوار نبني الثقة وأسس الإصلاح

28 يونيو, 2025 - 18:26
لبرفيسور محمدو لمرابط اجيد - أستاذ جامعات

يُعدُّ الحوار السياسي أحد أرقى تجليات الحكم الرشيد، وأداة مركزية في بناء التوافق الوطني وترسيخ الشرعية للنظام الديمقراطي.

 

ومن هذا المنطلق، اتخذ الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من الحوار الشامل ركيزة أساسية في فلسفته في الحكم، لا باعتباره مجرد آلية لتنفيس الاحتقان، بل كمنهج دائم لتصريف الخلاف وتوسيع دائرة المشروعية السياسية، لقد اختار أن يكون الحوار فعل شراكة لا مفاوضة، ومسار بناء لا تقاطع، جاعلًا من الانفتاح على الجميع سلوكًا ثابتًا، ومن الإنصات لأصوات الخصوم قبل المؤيدين نموذجا لاحترام التعدد واعترافًا بحيوية المجتمع السياسي.

 

وجدير بالملاحظة أن هذه الفلسفة لم تقف عند حدود الخطاب السياسي أو إدارة التوازنات، بل اتسعت لتطال الجوهر الاجتماعي للدولة، حيث برز انحيازٌ واضحٌ للرئيس غزواني إلى الفئات الهشة والمهمشة، في مسعى لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة ومواطنيها على أساس الكرامة والحق، لا المنّة والاستغلال.

 

وقد مثّلت برامج "تآزر" عنوانًا لهذا التحول البنيوي، بما تضمنته من توزيع نقدي مباشر، وتشييد منازل لآلاف الأسر في أطراف البلاد، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية.

 

فقد بادر إلى تعميم التأمين الصحي المجاني للمحتاجين والطلبة، وضمان مجانية الخدمات الاستعجالية في المؤسسات الصحية العمومية، وهي خطوات غير مسبوقة، تعكس وعيًا متقدمًا بمركزية العدالة الاجتماعية في ترسيخ العقد الوطني.

 

وفي موازاة ذلك، أولى اهتمامًا خاصًا لفئة الشباب، إدراكًا منه أن أي مشروع وطني لا يستقيم دون إشراك هذه القوة الحية، فكان التركيز على التكوين المهني، وتشجيع المبادرات، وتوفير فرص التمويل والدعم، كجزء من فلسفة أوسع لتوطين الأمل داخل الأجيال الصاعدة.

 

ومما يميز هذا النهج أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لم يأتِ بفلسفة تصادمية أو خطابات راديكالية، بل اعتمد منطق الإصلاح الهادئ والتغيير المتدرج، مؤمنًا أن التحول الحقيقي لا يُقاس بحجم الصخب، بل بمدى الأثر في بنية الدولة وحياة الناس.

 

لقد أسّس لرؤية تقوم على الحكم عبر المؤسسات لا الأشخاص، وعلى التوازن بين الواقعية السياسية والمبادئ الأخلاقية، وعلى تقوية الدولة لا بتغوّلها بل بخدمتها لمواطنيها.

 

إنها فلسفة حكم متزنة، إنسانية المضمون، وطنية الأفق، واقعية الأداة، تستبدل منطق الغلبة بمنطق الشراكة، وتعيد الاعتبار للمواطن العادي بوصفه محور العملية التنموية وغايتها، فلسفة تُراكم ولا تَقْطَع، تُصلح ولا تُقصي، وتبني دولة صامدة وصامتة في ضجيج المنطقة، أكثر رسوخًا وواقعية.

 

وهكذا، يبني الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ويرسي مشروعا وطنيا بصبر الواثق لا بعجلة المتردد، يُراكم الإصلاح بهدوء، ويُؤمن أن التغيير الحقيقي يبدأ من حياة الناس البسطاء، من قراهم وأحيائهم، من حاجاتهم اليومية، وآمالهم الصغيرة التي تجاهلتها الأنظمة طويلًا، إنه يراهن على وعي المواطن البسيط، وعلى قدرته على التمييز بين الخطاب العابر والفعل الصادق، ويمنحه مكانته المستحقة بوصفه أساس الاستقرار، وركن التنمية، وغاية الحكم.

 

فليس في فلسفة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني افتعال استعراض، بل ثقة هادئة في أن بناء الأوطان يتمّ حين يشعر الناس أن الدولة تراهم، تسمعهم، وتعمل من أجلهم… حين يصبح المواطن، مهما كان وضعه أو مكانه، شريكًا في الحلم، لا مجرد متلقٍّ للوعود.