في أوائل ﺛﻣﺎﻧﯾﻧﯾﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ، أُﺑرم اﺗﻔﺎق ﻣﺷﺗرك ﺑﯾن اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺔ ودوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﺣدة أدى في ﻓﺗرات ﻣﺗﻼﺣﻘﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﺛﺎت وﺻﻠت ﻋﺑر ﻓﺗرات زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻼﺣﻘﺔ زھﺎء 3000 ﻣواطن ﻣورﯾﺗﺎﻧﻲ أﺑوظﺑﻲ ﻟﻠﻌﻣل ﺿﻣن ﻗوات اﻟﺷرطﺔ ﺑدوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﯾﻣﺎ ﺻُوﱢر وﻗﺗﮭﺎ ﺑﺄﻧﮫ اﺗﻔﺎق ﺗﻌﺎون ﯾﻌود ﺑﺎﻟﻧﻔﻊ اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻋﻠﻰ اﻟطرﻓﯾن، وﺑﺎﻟﺧﺻوص ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ اﻟﺗﻰ ﻛﺎﻧت ﺗﻣر وﻗﺗﮭﺎ ﺑﺄزﻣﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺧﺎﻧﻘﺔ ﻋﻘب أرﺑﻊ ﺳﻧوات ﻣن اﻟﺣرب… ﻏﯾر أن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎون ﺗﻠك ﺑﺎﺗت اﻟﯾوم ﻣﺣل ﺗدﻗﯾق ﺑﻌد ﻋﻘود ﻣن اﻧطﻼﻗﮭﺎ
فقد تقدم العديد من أفراد البعثة السابقين وأسرهم بادعاءات خطيرة تتعلق بالاستغلال وسوء المعاملة والحرمان من الحقوق الأساسية على مدى ثلاثة عقود.
ظروف اﻟﺗﺟﻧﯾد
ﺗم اكتتاب اﻷﻓراد اﻟﻣﺑﺗﻌﺛﯾن ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن ﺑﯾن اﻟﻣدﻧﯾﯾن دون أي ﺧﺑرة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ أو اﻷﻣﻧﯾﺔ كتحقيق لنوايا عبر عنها خلال زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لموريتانيا سنة 1974 وﺗﻠﻘى المكتتبون ﺗدرﯾﺑﮭم في اﻹﻣﺎرات، وﺧدﻣوا ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ وظﺎﺋف اﻟﺷرطﺔ وﺗﺟﺷﻣوا اﻟﻣﺧﺎطر إطار ما ﻛﺎﻧوا ﯾﻌﺗﻘدون أﻧﮫ اﺗﻔﺎق ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن ﺗﺟﻣﻌﮭﻣﺎ أﺧوة اﻹﺳﻼم واﻟﻌروﺑﺔ ﻟﯾﺗﺑﯾن ﻟﮭم ﺑﻌد ذﻟك أﻧﮭم إﻧﻣﺎ أرﺳﻠوا ﻛﻘطﻌﺎن ﻋﺑﯾد ﺳﺧرة ﻟدى إﻣﺎرة أﺑو ظﺑﻲ، ﻓﺑﻌد اﻟﺑﺣث واﻟﺗﺣرى لم نعثرعلى أي ﻋﻘد ﻋﻣل رﺳﻣﻲ ﺣﻘﯾﻘﻲ ﺑﯾن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺔ واﻟﺳﻠطﺎت اﻹﻣﺎراﺗﯾﺔ ﯾﻛﻔل ﺣﻘوق ھؤﻻء اﻟﻌﻣﺎل اﻟﻣﺑﺗﻌﺛﯾن ﻣﻣﺎ جعل الطرف الإمارتي ينفرد بكتابة عقود فردية لهم ﻻ تتناسب مع ﺻﻔﺔ اﻹﺑﺗﻌﺎث وتهمل مصالح اﻟﻣﺑﺗﻌﺛﯾن… وﻗﻌﮭﺎ اﻟﻣﺑﺗﻌﺛون ﺗﺣت ﺿﻐط اﻹﺑﺗزاز واﻟﺣﺎﺟﺔ فغابت فيها مصالحهم الحاضرة والمستقبلية.. مما قلب المنافع الإيجابية المتوقعة من الابتعاث إلى عبودية حديثة وابتزاز بشع ينافى كل قيم الإنسانية والمواثيق التي تقوم عليها اتفاقيات العمل.
اﻧﺗﮭﺎك اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ
ﺑﻌد ﺳﻛوت ﻟﻔﺗرة ﻣن اﻟزﻣن ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت طﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟودﯾﺔ وﺣرﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻧﻘطﺎع ﺷﻌرة ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻣﻊ دوﻟﺗﯾﮭم وﺑﻌد أن أﻋﯾﺎھم اﻟوھم اﻟزاﺋف ﺑدأ اﻟﺷرطﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘون ﯾﺗظﺎھرون وﯾﻌﺑرون ﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ أﻣﺎم اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟدوﻟﯾﺔ وﯾطرﺣون ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟدﯾﺔ، ﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ:
- اﻻﺳﺗﻐﻼل و اﻟﻌﺑودﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻹﺑﺗزاز ﻓﻰ ظل ﻋدم وﺟود ﻋﻘود ﻋﻣل رﺳﻣﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ.
- اﻟﺣرﻣﺎن ﻣن اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻣﮭﻧﯾﺔ واﻟﺣﻘوق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
- اﻠﻔﺻل ﻣن اﻟﻌﻣل دون اﺗﺑﺎع اﻹﺟراءات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ، وﻧﻘل العمال المتبقين ﺑﻌد ﻓﺳﺦ ﻋﻘودھم اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﺗﻌﺳﻔﻲ إﻟﻰ ﺷرﻛﺎت أﻣﻧﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ أﻗل أھﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﺳﻠك اﻟﺷرطﻲ وﺑﺷروط ﻋﻣل أﻛﺛر إﻣﻌﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻹھﺎﻧﺔ ﻣن ﺳﺎﺑﻘﺗﮭﺎ.
المخاطر اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﻣﮭﻧﯾﺔ:
اﺳﺗﻐل اﻟﻣﺑﺗﻌﺛون ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺎت ﺧطرة كحقول اﻟﻧﻔط واﻟﻣطﺎرات دون ﺗوﻓﯾر ﻣﻌدات اﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ، ﻣﻣﺎ أدى لظﮭور أﻣراض ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﺳﺑﺑت ﻓﻰ وﻓﺎة ﻧﺣو 300 ﺷﺧص ﻣﻧﮭم ﺑﺄﻣراض اﻟﻘﻠب اﻟﺷراﯾﯾن واﻟﺳرطﺎﻧﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻻ ﯾزال اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﯾﺗﻠﻘون اﻟﻌﻼج ﻣن ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﺗﻠك اﻟظروف ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺗﮭم اﻟﺧﺎﺻﺔ ودون ﺗﻐطﯾﺔ ﺻﺣﯾﺔ ﻣن اﻟطرف اﻹﻣﺎراﺗﻲ أو اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﻲ.
اﻹھﻣﺎل ﺑﻌد اﻧﺗﮭﺎء اﻟﺧدﻣﺔ:
ﺑﻌد ﻋودﺗﮭم إﻟﻰ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ، ﺗُرﻛ المبتعثون دون أي ﻣﻌﺎش ﺗﻘﺎﻋدي أو ﺗﻐطﯾﺔ ﺻﺣﯾﺔ أو أي ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ. وﻣﺎ ﺗزال اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﺳر ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ظروف ﻗﺎﺳﯾﺔ، دون أي اعتراف رسمي أو تعويض عن سنوات الضياع والاستغلال.
دﻋوة إﻟﻰ اﻟﻌداﻟﺔ
ﺗُﺛﯾر ھذه اﻟﻣظﺎﻟم اﻟﻣﺗراﻛﻣﺔ أﺳﺋﻠﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ ﺟوھرﯾﺔ:
- ففي ظل ﻏﯾﺎب اﺗﻔﺎق دوﻟﻲ ﻣﻠزم وﻓرض ﻋﻘود ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗُﻌطﻲ اﻷﻓﺿﻠﯾﺔ ﻟﻣﺻﺎﻟﺢ رب اﻟﻌﻣل وتهمل مصالح العمال، أﻻ ﺗُﻌﺗﺑر ھذه اﻟظروف ﺑﺟدارة ﺷﻛﻼ ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻌﺑودﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻻﺳﺗﻐﻼل؟
- ﻣﺎ ھﻲ اﻟﻣﺳﺎرات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﮭؤﻻء اﻷﻓراد ﻟﻠﺳﻌﻲ ﺑﺷﻛل ﺟﻣﺎﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ إﻧﺻﺎف وﺗﻌوﯾض واﻋﺗراف ﺑﻣﺎ ﻗدﻣوه ﻣن ﺧدﻣﺔ وﻣﺎ ﺗﻌرﺿوا ﻟﮫ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣن طرف دوﻟﺗﮭم أوﻻ وﻣن طرف دولة الإمارات العربية المتحدة؟
- ﻣﺎذا ﻋن ﺗﻠك اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﻓﺳﺧت ﺑﺗﻌﺳف واﻟﺗﻲ ﺑدت ﻟﻠوھﻠﺔ اﻷوﻟﻰ وﻛﺄﻧﮭﺎ ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن وﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ ذﻟك دﻻﺋل ﻛﺑﻌﺛﺔ اﻟﺷرطﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ أرﺳﻠت ﻟﺗﺄطﯾرھم؟ ﺛم ﺑدا ﻻﺣﻘﺎ أﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﻛن ﺳوى ﻋﺑودﯾﺔ وﻧﺧﺎﺳﺔ؟
إن ما ﺗﻌرض ﻟﮫ أفراد شرطة الإمارات الموريتانيون ﯾُﺷﻛل اﻧﺗﮭﺎﻛًﺎ واﺿﺣًﺎ ﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﻣل اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن. وھم اﻵن ﯾﻧﺎﺷدون اﻟﺧﺑراء اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﯾن وﻣﻧظﻣﺎت ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن لمؤازرتهم حتى تتحقق لهم العدالة والإنصاف.
ﻧظرة إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل
ﺗُﺳﻠط ھذه اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺿوء على اﻟﻣﮭﺎﺟرﯾن ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺧﻠﯾﺞ، ﺣﯾث ﺗﻔﺗﻘر اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﻌﻣل ﻏﺎﻟﺑﺎ إﻟﻰ اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ واﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ. وﺗُطﺎﻟب اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧية بمتابعة الموضوع وإزالة الإشكال.
كما أنه ﻣﻊ ﺗزاﯾد اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻌﺎدل وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻌﻣﺎل اﻟﻣﮭﺎﺟرﯾن، ﯾﻣﻛن أن ﺗﺷﻛل ھذه اﻟﻘﺿﯾﺔ اﺧﺗﺑﺎرًا ﺣﺎﺳﻣًﺎ ﻟﻠﺗﺿﺎﻣن اﻟﻌﻣﺎﻟﻲ اﻟدوﻟﻲ. ﻓﺎﻷﻓراد اﻟﻣﺗﺄﺛرون وأﺳرھم ﻻ ﯾطﺎﻟﺑون ﻓﻘط بالاعتراف والتعويض بل يسعون أيضا إلى وضع سابقة تمنع تكرار مثل هذا الاستغلال مستقبلا.