الأخبار (نواكشوط) - ناقش سياسيون اليوم خلال ندوة نظمها المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية "مبدأ" بنواكشوط رهانات حول الحوار وتحدياته.
ونُظمت الندوة تحت شعار: "الحوار الوطني.. الرؤية والرهانات".
سياق الحوار المُرتقب
الوزير السّابق، المُدير ولد بونا، قال، إن الحوار آلية سياسية لترسيخ الديمقراطية وتعزيز التماسك الوطني، وذلك لما يُتيحهُ من فرص ونقاش جاد حول القضايا الكُبرى، مثل العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والتعليم والهوية والحكم الرشيد، وكذا يوفره من آليات مُناسبة لمراجعة شاملة للسياسات العمومية في ظل التحديات الاقتصادية، من البطالة والفقر، والاجتماعية كالفوارق الفئوية والجهوية والهجرة والمخدرات، والسياسة كمنظومة الانتخابات والحكامة ومحاربة الفساد واستغلال الثروات المعدنية والنفطية.
وأضاف ولد بونا في مداخلته أنّ الطبقة السياسية في البلد اعتادت على أن جميع الحوارات السياسية التي قال إن البلد شهدها تأتي دائما نتيجة لأوضاع غير طبيعية، بدءً من أول حوار في عام 1958، مُرورا بمحطات الحوار التي أتت بعده.
وأكد ولد بونا أن الحوار والنقاش كانا يأتيان في جوّ استقطاب سياسي وصراعات سياسية وحزبية، مردفا أن الدعوة الحالية للحوار جاءت في فترة زمنية خاصة، تتمثل في نظره لهدوء سياسي عام، تشهده الساحة السياسية.
واعتبر ولد بونا أن ترسيخ مبدأ الحوار أساسي كنهج في تأسيس حكامة قائمة على الحوار، ومشاركة الجميع فيه من أحل تطوير الديمقراطية ونظمها وآليات الحكم.
ودعا ولد بونا الطبقة السياسية والفاعلين في الشأن الوطني أن يُخلصوا النيات بالمشاركة فيه بإيجابية وفعالية خدمة للوطن بعيدا عن المصالح الحزبية والسياسية الضيقة، وأن يبذلوا جهودا للخروج من الحوار بنتائج تُعزز الثقة بين مختلف الفاعلين، وتبلور رؤية وطنية موحدة للأولويات الوطنية التي ينبغي التركيزُ عليها والنقاط الحمراء التي يجب الابتعاد عنها.
وذكر ولد بونا أن الحوراب المُرتقبَ "أملتهُ إرادة سياسية مقتنعة به، كقيمة سلوكية وممارسة سياسية لكونه ضرورة يُمليها السياق" مُضيفا أن الأجواء العامة أجواء طبيعية.
وشدد ولد بونا، على أن المشكلات الوطنية الكبرى والملفات الخلافية التي يُلجأُ فيها أحيانا لحلول تكتيكية مؤقتة، ولمهدّآت لتسير الحمم بها حانَ الأوان لأن تُناقشَ نقاشا حقيقيا نُخبويا لحلّها وتجاوزها.
جمهورية المؤسسين والجيش
من جهته، عبر رئيس حزب موريتانيا إلى الأمام نور الدين محمدو أنه من الذين يعتقدون أن موريتانيا فيها جمهوريتين بين جمهورية المدنية المؤسسة الأولى، وجمهورية الجيش والحكام العسكرين، معتبرا أن الرئيس السابق سيدي الشيخ عبد الله، كان "فاصلة أو قوسا، لكنه تحت رعاية عسكرية أوديمقراطية شُبه عسكرية".
ورأى ولد محمدو، أن سيناريو الحوار حسب استقراءه التاريخ للجمهوريتين التي ذكرهما أنه مساراته هي أنهُ يُعلن من أجل التغطية على أحداث سياسية وهو التشاور الماضي الذي قال وصفه بأنه دفن قبل أن يولد، والثانية "أقل سوء من الأولى"، و هي الحوارا الذي يُراد له أن يكون حوارا فعلا وتحضره المعارضة والمولاة لكنه "محسوم الأجندة مُسبقا، يُراد له قياس وتفصيل على إخراج سياسي مُعين كتوديع جنرال ثانٍ تولى السلطة تمهيدا لجنرال ثالث".
وشدد ولد محمدو على أن الأنواع التي تعرض لها لن تَفيد الشعب، فـ"الأول مهزلة، والثاني أُلعوبة والتفاف، أي أنه إرهاق وإتعاب للرأي العام الوطني، واستنزاف لأوقات الناس، مع مزيد من
الإحباط والمرارة للنُخب الموريتانية".
أمّا النوع الثالث بالنسبة لولد محمدو هو الذي أكد أنه يرجوه ولا يتمناه وهو أن يكون حوارا جاد يؤسس لجمهورية ثالثة يُنظر فيه هل السلطات الموريتانية موجودة في مورياتانيا كلّها، وهل السلطة البرلمانية التي تصل لـ"167 برلماني، أغلبها لا يعرف كيف يُراقب الحكومة ولا يفهم كيف تُسن القوانينُ ولا كيف تُصحح".
تساؤل حول السلطات
وتساءل ولد محمدو هل هذا هو المطلب؟ وهو أن تُنفق الشعب الموريتاني "الفقير المُفقر المليئ بالجهل والتجهيل وأنواع المشاكل المُحدقة به من المؤشرات السلبية تُنفق من أمواله أربع مليارات أوقية قديمة لغرفة تسجيل لا تنظر في قانون ولا تقمعَ قانونا، ولا تنفي نصّا ولا تُحاسب وزيرا بل إنّ الكثير من أعضاءها قد يرفضون التصريح بمتلكاتهم".
كما تساءل ولد محمدو هل هذا يخدمُ الشعب الموريتاني، وهل النخبة اليوم ترى أن الشعب يجب أيرسم مستقبله هولاء، وهل فصل السلطات حقيقي، وهل القضاة أحرار، وهل المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه الرئيس وينوبه وزير العدل هل هو الصورة الحقيقة للقضاء في موريتانيا، وهل الصحافة هي السلطة الرابعة وهل السلطات الأخرى موجودة، وهل الجهاز التنفيذي مُهيمن ومسيطر على السلطة وهل يُسييطر عليه بضع جنرالات، وهل نضحك على أنفسنا؟
"استهلاك مصلح الحوار"
من جانبة، رئيس حزب جبهة المواطنة والعدالة (جمع) محمد جميل منصور ذكر أنه لم يُستعمل مصلح ويُستهلك في الخطاب السياسي الموريتاني مثل ماوقع لمصطلح الحوار، سواء وصف بالوطني أو عُرِّف بالسياسي.
وتحدث ولد منصور عن الحوارات وجدت منذ فترة الرئيس المؤسس المختار داداه، وأخرى بعد انقلاب يوليو 1978، كانت "تضيقُ وتتيع حسب الظروف السياسية بناء علو الأطراف المعنية بيها، قائلا إنها لم تسلم من صفة الجزئية أو المحدودية رغم أن بعضها مان مهما من حيث مستوى المُشاركين والقيمة السياسية لمخرجاته ونتائجه.
انطباع عن الحوار المُنتظر
وأشار ولد منصور إلى إعلان الرئيس محمد ولد الغزواني عن إعلان الحوار المُرتقب رمضان الماضي، وتعيينِ موسى افال مُنسقا له، "مما ولد انطباعا إيجابيا في أوساط أغلب الأطراف التي تعرفه أوسمعت عنه"، منبها إلى أنه يلتقي بالأطراف والجهات المُهتمة بالحوار أو الساعية له.
وقال ولد منصور إنّ الحديث يجري منذ أمس عن قرب الشروع في الحوار أو في مُقدماته.
"لازمة تُسصحبُ عند الحوار"
وتعوض ولد منصور للحديثة عن "لازمة يُصر البعض على استصحابها عند الحوار" وهي ترابط الحوار بوجود أزمة في البلاد تدفع إليه، حيث يقول البعض إننا نعيش أزمة بل أزمة شديدة لا بد لها من الحوار، ويُجيب آخرون أننا لسنا في أزمة أي أننا لا نحتاج إلى الحوار.
واعتبر ولد منصور أنه ما يحدث حول الحوار في البرلمان أو في الإعلام مايكفي ويُغني، مشددا على أننا لسنا في أزمة ومع ذلك نحتاج إلى الحوار، لـ"نتقاربَ في القضايا الوطنية الكبرى ذات الصلة بوحدتنا الوطنية، وتكريس التحرر والمساواة الحقيقية، ولنُحسن ديمقراطيتنا نحو تعددية صلبة وانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، مع تأسيس التداول السلمي على السلطة".
كما أن الحور يأتي، وفقا لولد منصور، بأن نُطور حكامتنا نحو الرشد، ولنجعل من مُحارة الفساد همّا وطنيا، وعقدا احتماعيا نُساءل عليه.
" الحوار نضج سياسي"
وقالت البرلمانية خديجة وان إنّ الحوار ليس دليل ضعف إنما هو علامة نُضج سياسي، ومسار حضاري تختتاره الأمم التي تريد أن تعيش وتنهض وتبني مستقبلها بأيدي أبناءها لا على أنقاضها.
وأضافت البرلمانبة، إنه في لحظة مفصلية من عمر الوطن، ووقت تتعاظم فيه التحديات يطل المشروع الوطني، وهو الحوار، ليس كترف سياسي ولا هروبا من مواجهة الواقع بل كخيار أصيل وواع يجسد إدارة القيادة الوطنية، في ترسيخ أسس دولة "جامعة عادلة، قوية وآمنة.
"حوار مختلف"
ورأت خديجة وان أن الحوار هذه المرة سيختلفُ لأن المحاورين سيختلفون، ولأن موريتانيا الأمس ليست كموريتانيا اليوم، وفق قولها.
وأكدت البرلمانية أن البلد يحتاج إلى وقفة صادقة مع الذات ومصارحة شجاعة بين شركاء الوطن، لرسم ملامح المستقبل بمنطق المشاركة.







