على مدار الساعة

بين التشريع والتطبيق: كيف قاد ولد الشيخ الغزواني ثورة هادئة في العدالة وحقوق الإنسان؟

11 يونيو, 2025 - 20:05
عبد الرحمن ولد سيدي محمد

منذ توليه رئاسة البلاد، عمل السيد محمد ولد الشيخ الغزواني على ترسيخ مبادئ العدالة وحقوق الإنسان كأولويات في برنامجه الإصلاحي، مُتبنياً نهجاً مؤسسياً شاملاً يرتكز على تطوير التشريعات، وتعزيز البنية التحتية، وتحسين الظروف الإنسانية، إلى جانب التزامات ملموسة على الصعيدين الوطني والدولي، وقد تمحورت أبرز إنجازاته في هذا المجال حول المحاور التالية:

 

إصلاح الإطار القانوني وتحديث التشريعات

شهدت المأمورية الأولى من حكم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني طفرة نوعية في إصلاح المنظومة القانونية، حيث تم إصدار وتعديل حزمة من القوانين المنظمة للمهن القضائية كالمحاماة والموثقين والعدول المنفذين، ما ساهم في تعزيز الموثوقية والشفافية داخل النظام القضائي.

 

وفي إطار مكافحة الانتهاكات الحقوقية، تم سنّ قوانين جديدة تجرم الرق والاتجار بالبشر والتلاعب بالمعلومات. كما تم تعديل قانون الجنسية للسماح بازدواجها، ما يعكس انفتاحاً قانونياً يعزز المواطنة الشاملة.

 

وعلى مستوى التعاون القضائي الدولي، وقّعت بلادنا اتفاقيات ثنائية مع دول الجوار مثل الجزائر والسنغال، إلى جانب إصدار مراسيم إدارية لتحديث نظام السجون واعتماد آليات إلكترونية في تبليغ الاستدعاءات.

 

عصرنة النظام القضائي

تم تبني استراتيجية وطنية للنفاذ إلى العدالة (2020 - 2024) وسياسة قطاعية للعدالة (2020 - 2030)، ما شكل إطاراً توجيهياً لإصلاح شامل. وتمّت إعادة هيكلة الإدارة المركزية وتنظيم مهن قضائية غير نظامية كالتصفية والخبرة، بما يعزز المهنية والنجاعة في الأداء القضائي.

 

الرقمنة في خدمة العدالة

تم الحرص على إدخال التكنولوجيا في المجال القضائي، من خلال تطوير تطبيقات رقمية متقدمة مثل سجل الضمانات المنقولة، قاعدة بيانات السجناء، وحقيبة القاضي الإلكترونية، مما ساهم في تبسيط الإجراءات وتسريع المعاملات القضائية.

 

تطوير البنية التحتية القضائية

في خطوة غير مسبوقة، تم بناء وتجهيز أربع قصور للعدالة ومحاكم جديدة، بما في ذلك محاكم استئناف وتجارية، إضافة إلى إنشاء سجون عصرية في نواكشوط وكيفة، ومعهد للتدريب القضائي. كما تم إنشاء ورش مهنية داخل السجون، تُعنى بتأهيل المساجين في مجالات مثل النجارة والكهرباء.

 

تأهيل الموارد البشرية

تم تكوين 577 من القضاة وأعوان القضاء والموثقين، إلى جانب تنظيم دورات متخصصة لموظفي العدالة المشرفين على القُصّر والمنفذين، كما نظّمت حملات توعية وتكوين حول قوانين مكافحة الرق، الاتجار بالبشر، وعمالة الأطفال، مما عزز الوعي الحقوقي لدى الفاعلين في الحقل القضائي.

 

تحسين ظروف العدالة الجنائية والسجون

شهد قطاع السجون إصلاحات هيكلية، حيث تم العمل على تخفيف الاكتظاظ، وتوفير المعدات الأمنية، وإنشاء مراكز استقبال وتأهيل للأطفال مثل مركز "كيفة". كما تم إدخال أنشطة تعليمية وترفيهية للمساجين في إطار مقاربة إصلاحية شاملة.

 

حماية الفئات الهشة وتعزيز حقوق الإنسان

في إطار دعم الفئات الأكثر هشاشة، تم توفير المساعدة القانونية للسجناء، ودعم الأطفال المتنازعين مع القانون، وتكوين العاملين في مراكز الاستقبال والعناية بالمدمنين.

 

كما تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وتعديل القوانين المتعلقة بالعبودية، مع تنظيم دورات توعوية ومؤتمرات وطنية، وإنشاء جوائز وآليات وطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات الدولية.

 

وقد تم الحرص على تعزيز حقوق النساء والفتيات والأشخاص ذوي الإعاقة، بما يعكس إرادة سياسية واضحة للارتقاء بحقوق الإنسان.

 

مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين

في هذا السياق، تم إنشاء هيئة وطنية وآلية مرجعية، ومراكز اتصال، وتوقيع شراكات لمكافحة الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى إطلاق صندوق دعم للضحايا وخطط وطنية لحماية الأطفال.

 

كما أُعدّت خطة وطنية لمكافحة تهريب المهاجرين، تم من خلالها تنظيم حملات ومهرجانات توعوية، إضافة إلى مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لضمان نهج متوازن بين السيادة الوطنية والحماية الإنسانية.

 

احترام الالتزامات الدولية

قدمت بلادنا تقارير دورية للهيئات الدولية، وتفعيل آليات التتبع من خلال أدوات حديثة مثل تطبيق "حمايتي" لتلقي الشكاوى. وتمت مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ما يعكس احتراماً للمجتمع الدولي والتزاماً بالمصداقية.

 

تعزيز العمل الإنساني

صادقت بلادنا على الاستراتيجية الوطنية للصمود والعمل الإنساني، وقدمت مساعدات مباشرة لضحايا الكوارث، خاصة الفيضانات، ودعمت منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى تمويل مشاريع تنموية وتدريب الطواقم المتخصصة في التدخل السريع.

 

حرية الصحافة والاتصال

لقد شهدت المأمورية الأولى من حكم رئيس الجمهورية، تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة في قطاع الإعلام، شملت إنشاء هيئة عليا للإصلاح، وسنّ قوانين جديدة لحرية الصحافة والاتصال، فضلاً عن دعم الصحافة الخاصة وزيادة التمويلات المخصصة لها.

 

وقد تُوّجت هذه الجهود بحصول موريتانيا على المرتبة الأولى عربياً وإفريقياً في حرية الصحافة عام 2024، مع توسعة البنية التحتية الإذاعية والتلفزيونية.

 

لقد جاءت إنجازات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في مجالي العدالة وحقوق الإنسان لترسخ رؤية إصلاحية متكاملة، تقوم على التوازن بين تحديث المؤسسات، واحترام الحقوق، وتعزيز الثقة في الدولة والقانون، وتُعد هذه الإنجازات علامة فارقة في مسيرة العدالة الموريتانية، وتعبيراً صادقاً عن إرادة سياسية تتجه بثبات نحو بناء دولة القانون والكرامة.