على مدار الساعة

الكتبخانة التركزية

31 مايو, 2025 - 11:07
سيدي المختار لولي: باحث

تناقلت وسائل الإعلام خبر توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وموريتانيا تتعلق بتسليم مكتبة العلامة الجليل محمد محمود بن التلاميد التركزي رحمه الله تعالى.

 

والعلامة ابن التلاميد مفخرة من مفاخر شنقيط، وقامة سامقة كان لها الأثر البالغ في النهضة الأدبية في المشرق، تبوأ منها في الذروة أعلى مكان، وعرف العلماء والأدباء حقه ومقامه في علوم اللغة والأدب، فكان من أشهر علماء شنقيط وأذيعهم صيتا، زار بلدان المغرب والحجاز وكثيرا من حواضر المشرق والآستانة مركز الخلافة العثمانية وبعض بلدان أوروبا، وأشرف على تحقيق وإخراج نوادر العبقريات الإسلامية كالأغاني والمخصص في بداية ما عرف بالنهضة العربية.

 

وكان بعض باحثينا قد ناشد منذ مدة الحكومة الموريتانية أن تطالب الدولة المصرية بهذه المكتبة، فموريتانيا أحق بتراث عالمها الجليل ورفوف المعهد الموريتاني للبحث العلمي أولى به من أي مكان آخر، وإن كان البعض الأخر تحفظ على هذا الأمر متعللا بأن الشيخ -رحمه الله- أوقف مكتبته على دار الكتب المصرية، ومخافة أن تطالها يد الإهمال الموريتانية.

 

وقد أفادت المصادر التي تحدثت عن دار الكتب المصرية ونشأتها ومن أهمها كتاب الكُتبي الكبير أيمن فؤاد السيد: أن الشنقيطي وقف مكتبته على الدار وضمت إليها بعد وفاته عام 1322هجرية / 1904 ميلادية، ويرمز لمخطوطاتها في الدار بالرمز (ش).

 

ويبلغ عدد المخطوطات في مكتبة الشيخ التركزي 345 مخطوطا متفوقة على مكتبة معاصره وصديقه مفتي مصر الإمام محمد عبده البالغ عدد مخطوطاتها 108 .

 

هذا بالنسبة لمخطوطات مكتبة الشيخ أما الكتب غير المخطوطة فقد قبعت مع باقي المكتبات المهداة والمضافة والمصادرة من القصور الملكية في الطابق الثامن بمبنى دار الكتب المطل على " كورنيش " النيل، وهي في هذا الطابق غير متاحة للقراء وأكثرها غير مفهرس.

 

 وتذكر هذه المصادر أن مكتبة الشيخ تقع في الجانب الأيسر من الطابق الثامن، وأن عددها يبلغ بعد فصل المخطوطات عنها 754 كتابا، وهو رقم قل نظيره في مكتبات الأدباء الذين عاشوا بعده عقودا وواكبوا سرعة النشر ووفرة الطباعة، بله المعاصرين له والسابقين.

 

ولئن كان من المضحكات المبكيات أن مكتبة الشيخ التركزي تقبع في نفس الجانب الذي يضم مكتبة الممثلة شويكار، والملكة صافيناز المشهورة ب" فريدة " زوج الملك توفيق الاول وهي فنانة تشكيلية وخريجة دار راهبات مشهورة بالإسكندرية، فإنه ليعزيها أن بالقرب منها كذلك - وفي نفس الجانب- الخزانة التيمورية المنسوبة للعلامة العظيم صاحب " التذكرة " أحمد بك تيمور باشا وهي خزانة نوادر وتحف وتضم أكثر من 15415 كتابا.

 

إذن حتى عهد قريب لم تفهرس المكتبة التركزية، والأمل عظيم أن تمد لها أيدي العناية وتفهرس أسوة بمثيلاتها كالتيمورية.

سلام عليك يا تركزي في الخالدين.