الموضوع: تحذير من خطر المخدرات والاتجار بالحبوب المهلوسة، والأدوية والعملات المزورة والإتجار بالأسلحة والذخيرة وخطر الهجرة غير الشرعية
أيها الاخوة، ايتها الاخوات
يعيش بلادُنا على وقعِ حدثٍ خطير، تمثّل في تفكيك شبكةٍ لتهريب الحبوب المهلوسة، والأدوية والعملات المزوّرة والإتجار بالأسلحة والذخائر وهو الحدث الذي يكشف عن حجم الآفة التي تنخر اجسام شرائح واسعة من مجتمعنا، وفي مقدّمتهم شبابٌ أغراهم وهمُ الثراء السريع والسهل، فيما تتّسع رقعة الجريمة في ظل صمتٍ من معظم المجتمع والعديد من قادة الرأي.
ويزداد الأمر تعقيدًا حين يقترن بمناخ عام يبعث على بالغ القلق، تتجلّى مظاهره فيما يلي:
- تغلغل شبكات قوية بشكل متزايد في الأوساط الاقتصادية والدينية والاجتماعية؛
- تفشي جنوح الأحداث وتزايد أعمال العنف في المدن؛
- الثراء المشبوه والظهور العلني والاستفزازي لثروات طائلة مجهولة المصدر يقوضان ثقة المواطن ويزعزعانها؛
- يضاف إلى ذلك خطر الهجرة غير الشرعية، حيث يدخل مئات الآلاف من الأشخاص إلى بلادنا بطريقة غير شرعية وفوضوية.
- ومما يزيد الوضع صعوبة ويغذي استمرار هذه الآفة، تلك الشبكات المافيوية الخبيثة المتورطة في جريمة تهريب البشر وتزييف وثائق الحالة المدنية.
وأمام هذه الحالة الوطنية الطارئة لا يسعنا إلا أن نوجه نداءً جماعيًا ملحا وعلنيا
إلى السلطات العمومية:
- لا مناص من اتخاذ إجراءات تتسم بالمزيد من الصرامة والفاعلية والاستمرارية لمواجهة جميع أنواع التهريب والإتجار غير الشرعي
- لا بد من فضح هوية المشتبه فيهم ومن تعاونوا معهم، وذلك لضمان مثولهم أمام القضاء لينالوا جزاءهم
- لا مناص من نهج سبل الوقاية والردع كأداتين ضروريتين للتصدي لهذا الحال ومعالجته بصفة جذرية
- من الضروري جدا إنشاء هيئة عسكرية ضاربة على غرار خفر السواحل تسمي حرس الحدود لمراقبة حدود البلد وحماية حوزته الترابية
إلى قوات الدرك والحرس والشرطة والجمارك الوطنية:
دوركم محوري في مكافحة جميع أشكال التهريب غير الشرعي والجريمة المنظمة فإننا ندعوكم إلى:
- تكثيف عمليات المراقبة على الحدود البرية والبحرية والجوية من أجل الحيلولة دون دخول المخدرات بشتى أنواعها والأدوية المزورة والأسلحة والذخائر.
- مراقبة أكثر صرامة لحركة الهجرة غير النظامية التي قد تستغلها شبكات إجرامية
- التزود بوسائل إلكترونية فعالة وتشغيلها من قِبل فرق ذات كفاءة عالية للكشف السريع والدقيق عن المواد والأشياء المشبوهة
- التعاون الوثيق مع باقي الهيئات المدنية والعسكرية في الدولة لضمان أقصى درجات اليقظة والتصدي السريع للتحديات.
إن الرفع من يقظتكم ضرورة لقطع الطريق أمام هذه الآفة
كما يلزم تكثيف الجهود لحماية السكان وتأمين المناطق السكنية واقتلاع جذور أي شبكة إجرامية تنشط على كافة التراب الوطني.
إلى الطبقة السياسية:
ينبغي أن نرتقي في هذه المعركة إلى مستوى المسؤولية، متجاوزين الخلافات والانقسامات العقيمة. فما نحتاجه اليوم هو موقف وطني موحَّد وحازم، لا مكان فيه للانفعالات ولا للعواطف.
فيجب على الأحزاب والحركات السياسية والنقابية والمثقفين أن يعملوا جنبًا إلى جنب لإنقاذ مستقبل الوطن.
إلى الأئمة والقيادات الدينية:
- بصفتكم أصحاب كلمة مسموعة وتأثير أكيد ندعوكم لاستخدام نفوذكم الديني في إطلاق حملة توعية مؤثرة لمكافحة المخدرات وشبكاتها وعواقبها الوخيمة.
- استخدموا سلطتكم بشكل متواصل في التنديد بويلات المخدرات والأدوية المزيفة، والإثراء المشبوه.
- يجب تفعيل دور المساجد والمحاظر والجهات الدينية في التوعية بمخاطر تفاقم الفوارق الاجتماعية وتدهور القيم الدينية والأخلاقية.
إلى القضاة والمحامين والنواب:
بصفتكم حماة العدل والقانون، وصوت الشعب الصادق، فإنكم تتحملون مسؤوليات عظيمة تدعونا إلى مطالبتكم بالآتي:
- الذود عن استقلالية ونزاهة القضاء، وترسيخ مبدأ سيادة القانون على الجميع دون استثناء.
- التصدي بكل حزم ورفض أي شكل من أشكال التهاون أو التدخل في ملفات الاتجار بالمخدرات والأدوية المزورة وجميع الجرائم الأخرى مهما علا شأن المتورطين أو نفوذهم.
- سن قوانين أكثر صرامة ضد الجرائم المرتبطة بالاتجار بالمخدرات والأدوية المزورة والجريمة المنظمة
- القيام، بصفتكم نوابًا، بمراقبة أداء الحكومة في الملفات الحساسة
إلى الصحفيين ووسائل الإعلام الوطنية:
بصفتكم صوت الرأي العام وحراس الحقيقة، فإن دوركم محوري في هذه المعركة المصيرية، لذا نهيب بكم للقيام بما يلي:
- الشروع إذا اقتضى الامر في تحقيقات معمقة تتسم بالصرامة والنزاهة والشجاعة والمسؤولية في تتبع خيوط الشبكات الإجرامية، دون أدنى استسلام للضغوط أو الرشوة أو الخوف.
- كسر حاجز الصمت والتستر من خلال إيصال أصوات الضحايا والشباب والأسر المنكوبة، بما يتوافق مع القوانين والنظم المعمول بها.
- زيادة الوعي لدى الجمهور بالمخاطر الحقيقية للمخدرات والأموال المشبوهة، وذلك من خلال التقارير والمناقشات والحملات الإعلامية.
- رفض أي شكل من أشكال تطبيع الجريمة في الإعلام، والتعبير عن إدانتكم الشديدة لأي تورط لشخص او جماعة ذات نفوذ في أي مجال.
- تمسككم بالصحافة الحرة والأخلاقية يمثل مساهمة قيمة في جهود التوعية وإنقاذ الأرواح المعرضة للخطر.
إلى المهربين بجميع أطيافهم ومختلف مشاربهم والمحتالين في قطاع الأدوية:
إنكم تهددون صحة وسلامة المجتمع بأكمله وتستغلون معاناة الفئات الأكثر هشاشة وإن تجارتكم الإجرامية تعد خيانة عظمى للوطن وللدولة وللشعب.
نناشد السلطات المختصة بملاحقتكم بلا هوادة، والقضاء على قنوات التوزيع غير القانونية وحماية المواطنين من هذه السموم المتخفية في شكل علاجات وأدوية.
إلى ولاة الولايات وعمد البلديات، والآباء، والطواقم التربوية:
أيها الاداريون والعمد والمربون الأفاضل، أنتم الأساس في بناء أجيال الغد، ومسؤوليتكم اليوم أعظم من أي وقت مضى. فلتعملوا بكل تفانٍ على غرس قيم المواطنة في نفوس المواطنين، وتحذيرهم من خطر المخدرات، وتوعيتهم بأبعاد الجريمة المنظمة.
كونوا القدوة الحسنة في الانضباط والأخلاق الرفيعة والصمود في وجه التجاوزات والأخطار التي تمس السلم والأمن العام.
إلى كل واحد وواحدة منكم:
تتجلى خطورة هذا الشر في العواقب التالية:
- تصاعد مقلق للجرائم في المدن.
- تسرب المخدرات إلى الأوساط المدرسية والأسرية، والاجتماعية والمهنية.
- تفشي مظاهر الثراء غير المشروع في مددنا بلغ حدا لا يطاق.
أيها الآباء والمربون والمواطنون الكرام، لا تستسلموا لداء اليأس و اللا مبالاة ولا تصمتوا صمت المتواطئين.
حصنوا فلذات أكبادكم، واعملوا جاهدين على تنوير العقول وإحياء الضمائر. تذكروا أن بلاء المخدرات ليس قضاءً لا مفر منه، بل هي شر مستطير يستوجب منا جميعًا أن نهب لمكافحته بصدق وتكاتف.
فلنكن، صفًا واحدًا، للدفاع عن كرامة موريتانيا وسلامتها وسيادتها ومستقبلها الواعد والمشرق بإذن الله.
فموريتانيا الغالية تستحق منا كل غال ونفيس.
فلنتكاتف، ونقف صفًا واحدًا تحت علم الوطن وشعاره الخالد: شرف – إخاء – عدل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نواكشوط بتاريخ 5 مايو 2025
(*) المفتش العام السابق للإدارة القضائية والسجون - المدعي العام السابق لدى المحكمة العليا - الرئيس السابق للمحكمة العليا - الرئيس السابق للهيئة القضائية لاتحاد المغرب العربي