على مدار الساعة

من ظلام العتمة إلى نور البصيرة صرخة فارس في بلاط السلطة الرابعة

8 مايو, 2025 - 14:52
محمد الأمين ولد يحيى يحياوي - Yahyawimbareck@gmail.com

لم يكن التحول من صحفي يرى تفاصيل الواقع بوضوح إلى "تمثال مفقوء العينين" مجرد خسارة بصرية، بل كان بمثابة فتح لبصيرة أخرى، بصيرة ترى الحقائق المجردة خلف ستار الزيف والخداع. هنا، وأنا أنزوي في زاوية هذا البلاط، أرفع صوتي ليس كشاهد عيان على الماضي، بل كرمز حي لتضحية دفعت ثمنًا غاليًا هو حريتي، حريتي في قول ما أؤمن به. وولائي لصاحبة الجلالة لم يتزعزع، بل تجدد في هذه الهيئة الجديدة، عازمًا على خدمتها بصدق التجربة ومرارة الألم.

 

هذه ليست قصة ضعف واستسلام، بل هي صرخة مدوية تنطلق من قلب تجرع مرارة الظلم، صرخة تحمل في طياتها تحذيرًا ورجاءً. فأنا ذلك التمثال الواقف بين يديها، الذي قد يبدو للبعض صامتًا وعاجزًا، لكنه في الحقيقة عين أخرى ترى ما قد يخفى على الكثيرين...

 

وبين فقدان البصر واكتساب البصيرة، ويشرفني أن أكون يا مولاتي في بلاطك رمزا للتضحية والصوت الذي لا يزال يتردد صداه رغم الصعاب. ولأن لكل جواد كبوة فلكل أيضا فارس عثرة فهذا التمثال الذي رُكل ذات يوم بأقدام الغطرسة ليتحول إلى صامت، يرفض اليوم أن يكون كذلك. عيوني قد تكون مفقوءة في نظر البعض، لكنها في الحقيقة نافذة مفتوحة على خبايا النفوس ومكائد السلطة.

 

يا صاحبة الجلالة،

إن كلماتي هذه ليست مجرد همسات عابر، بل هي صرخة فارس قديم خبر ساحات الوغى ويعرف جيدًا وجوه الأعداء المتلونة. حذاري من أولئك الذين تراهم يتبوأون المناصب العليا في دولتك، أولئك الذين يتغلغلون في مؤسساتها كالأفاعي وينسلون في دهاليزها المظلمة. إنهم يتمسكون بأسطحها كخفافيش الليل، يجددون ولاءهم ظاهرًا بينما ويعتمدون التخفي بأسلوب حرباوي، يستنزفون خيرات البلاد باطنًا.

 

حذاري يا مولاتي أن تستكيني لبريق نفوذهم الزائف، وألا تحاولي إسكات صوت الحق باسم الحفاظ على الهدوء. فالحرية ليست سلعة يمكن المتاجرة بها، والصمت في وجه الظلم ليس فضيلة. لقد دفعت أنا شخصيًا ثمنًا باهظًا لحريتي، والآثار ماثلة أمام عينيك وإن كنتُ أنا من لا يرى.

 

لكن كتاباتي كانت يوما تجلدهم سأبقى على ذلك النهج.

 

لقد حولوا موريتانيا إلى بقرة حلوب، امتصوا خيراتها وأوجعوها، ثم تركوها هزيلة وحولوا عجلها إلى مسخ، وشعبها يعاني الضعف والهزال.

 

هذا الشعب الذي يمثل مستقبل هذه الأرض الطيبة يستحق أن يُحمى من براثن هؤلاء الطفيليين.

 

ولكنني اليوم، يا صاحبة الجلالة، أشعر بسعادة غامرة لقرارك الحكيم بتعييني مستشارًا دائمًا في بلاطك. وجودي هنا، أمام ناظريك دائمًا، هو تذكير لكِ بأهمية العدل والحكمة في رعاية جنودك وفرسانك وشعبك. أتمنى أن تستلهمي من وجودي هذا عبرة وعونًا في اتخاذ القرارات الصائبة.

 

بهذه الكلمات، أختم وأنا على يقين بأن صوت الحق سيظل مدويًا وإن فقد البصر.