على مدار الساعة

انتحار الأعراب

6 مايو, 2025 - 02:39
محمد الأمين شيخنا الطالب مصطف

من الظواهر التي تدَّرس في مادة علم الاجتماع ظاهرة "الانتحار" عند "اديوركهايم"؛ أسبابها، انتشارها، الحالة النفسية للمنتحر، ثم انتشارها في المجتمع الغربي رغم أنه يدين بشريعة "عيسى عليه السلام"، وهي شريعة تتحدث عن البعث وعن الحساب والعقاب، بل إن بعض مذاهبهم أبلغ التزاما من بعض منتسبي باقي الشرائع والملل.

 

في اليابان ينتحر الرجل وهو بكامل أناقته، وقديما فدى شبابهم الإمبراطورية بكل بسالة وهم لا أدريون.

 

فماذا عنّا نحن؟

صحيح أننا مسلمون، نعبّأ ونحن صغار أن الله هو من يملك أرواحنا، وأن التخلص منها كفر، وأن المنتحر خالد في النار، وأن الله لاعِنُه وغاضب عليه.

 

ثم يكبر الواحد منا ويبدأ الوعي في اختراق جداره الذهني تدريجيا كما هو حال الإيمان بالله عند أبينا إبراهيم، فنؤمن بلا شقاء؛ ثم يبدأ بعضنا في الزهد وقت إدراكه أن الثمانين سنة التي من المحتمل أن يعيشها ما هي في الحقيقة إلا ساعة وخمس وخمسين وجزءين من الدقيقة، ذلك أن اليوم عند الله ألف سنة مما نعد نحن "وقد ورد في القرآن عند التخاصم أن اللّبوث كان ساعة من نهار".

 

يحتاج المنتحر منّا إذا إلى:

1. ضعف التعبئة.

2. شجاعة الفعل يحركها غضب شديد.

3. ضمير حاضر يعكر صفوَ صاحبه بالتأنيب.

 

وإنني دون استقراء ولا استنباط حتى لا أتماهى مع السوسيولوجيين أستطيع فلسفيا القول إن الانتحار ظاهرة منتشرة في أرضنا؛

 

فوجود الإيمان وجودا بالقوة لا يعني بالضرورة وجوده وجودا بالفعل عند من على شاكلة الأعراب {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم}.

 

ولئن كانت صحوة الضمير من بواعث الانتحار، فإن موته انتحار أعظم، والمراهقة المستمرة التي لا يحدها زمكان قتل للضمير.

 

فمن يستخدم الممنوعات فهو مراهق

ومن يسرق المال العام مراهق

ومن يتولى شأنا من الشأن العام دون مبالاة مراهق

ومن جلب بضاعة موشكة على الفساد والانتهاء مراهق وإن بنى مسجدا

ومن يزوٍّر الدواء مراهق

ومن يقدم ذا قرابة على صاحب حق فهو مراهق

ومن يخون أهله مراهق

ومن يتباهى بالإنفاق ويحرم ذويه مراهق

ومن كان عنترة الذي يغض طرفه ويبيت على الطوى قبل الإسلام خيرا منه فهو مراهق

ومن كان قبَليا في ظل الدولة مراهق لجهله بمقاصد الشريعة.

هي تصرفات قتل بها صاحبها ضميره ومن قتل ضميره فقد انتحر.