على مدار الساعة

موريتانيا بعد ولد عبد العزيز: عهد الفراغ… عندما يغرق بلد في الجمود والأوحال الاجتماعية

4 مايو, 2025 - 13:13
بقلم: دمبا سيميغا - بوردو

منذ وصول النظام الحالي إلى السلطة، تمر موريتانيا بفترة مظلمة تتسم بأزمة ثلاثية: سياسية، واقتصادية، واجتماعية. على الرغم من وعود الإصلاح والاستقرار، فإن الواقع اليومي للمواطنين يتسم بالتقاعس، والارتجال، والتراجع الصارخ للمكتسبات الأساسية التي أرساها محمد ولد عبد العزيز، المؤسس الذي لا جدال فيه لموريتانيا الحديثة.

 

نواكشوط، واجهة البلاد، هي اليوم المثال الصارخ على جمود النظام الحالي. فمنذ نهاية ولاية الرئيس محمد ولد عبد العزيز، لم يرَ النور أي مشروع بنية تحتية كبير. الجسور العلوية الثلاثة قيد الإنجاز عند تقاطعات باماكو، ومدريد، والحي الساكن، كان الرئيس السابق هو من أطلقها جميعًا. هل يتطلب الأمر ست سنوات في السلطة لإتمام ثلاثة مشاريع بدأت بالفعل؟ الإجابة مفجعة ومثيرة للأسى في آنٍ واحد: البلد متوقف.

 

على الصعيد القضائي، فضّل النظام الحالي التنكيل السياسي على بناء دولة القانون. فالرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يُلاحق اليوم في قضية يُطلق عليها "قضية فساد"، رغم أنها مشوبة بتلاعبات فظة، وتضارب مصالح غير مسبوق، في ظل عدم شعبية نظام عاجز عن إدارة البلاد.

 

اللجنة البرلمانية التي أعدت التقرير المغلوط، والذي شكّل أساس ملاحقته، كوفئ جميع أعضائها بمناصب وزارية بعد فترة وجيزة من تقديم تقريرهم البرلماني المُعدّ حسب الطلب. مثل هذا التواطؤ بين القضاء والسياسة يقوّض أي ادعاء بالموضوعية أو الشفافية. والأسوأ من ذلك، أن معظم كبار معاوني ولد عبد العزيز لا يزالون في مناصب قيادية، يشغلون مناصب استراتيجية في مفاصل الدولة، بدءً برئيس الوزراء ومدير ديوان الرئيس. أي منطق يمكن أن يكون في ملاحقة رجل مع الإبقاء على حاشيته في أعلى المناصب، إن لم يكن ذلك تنكيلًا؟

 

هذا التناقض الصارخ يتجسد في دعم مرشح لرئاسة بنك التنمية الأفريقي (BAD)، والذي هو طرف فاعل في اتفاقية مثيرة للجدل ومؤلمة لاقتصاد هذا البلد… العناصر التي كُشف عنها خلال محاكمة الرئيس السابق، تظهر أنه هو الموقّع الحقيقي للاتفاقية المثيرة للجدل بشأن بناء مطار نواكشوط، بصفته وزير المالية آنذاك. ومع ذلك، يُلاحق الرئيس السابق بسبب هذه الأخطاء، بينما يحظى أحد الفاعلين الحقيقيين بدعم نشط من الدولة الموريتانية في سباقه نحو بنك التنمية الأفريقي، في تجاهل تام للحقيقة والعدالة.

 

هذه الازدواجية تطرح سؤالًا خطيرًا: أيّ لعبة نلعبها بصورة موريتانيا على الصعيد الدولي؟

 

الحقيقة هي أن الموريتانيين يواجهون اليوم تدهورًا مقلقًا للخدمات العامة. المدرسة منكوبة، المستشفيات مكتظة وتفتقر للموارد، بل تكاد تكون منعدمة، والحصول على الماء الصالح للشرب أصبح ترفًا حتى في العاصمة نواكشوط، وفي نواذيبو، وفي كيفة… في كل مكان. الحد الأدنى للمعيشة يفلت من المواطنين. السلطة، بعد ست سنوات، غير قادرة على تقديم حصيلة ملموسة في القطاعات الأساسية: التعليم، الصحة، الماء، الكهرباء… مثل هذا المستوى من العجز لم يسبق له مثيل.

 

الشباب المتروك، هجرة جماعية، هشاشة، وبطالة متوطنة متفشية: لولاية الشباب. بمن يسخرون حقًا؟

 

التدافع الأخير أثناء تقديم ملفات الترشح لاكتتاب رجال الإطفاء، كان كاشفًا قاسيًا عن يأس الشباب. فمن أجل بضعة مناصب، اندفع آلاف الشباب في تدافع يائس، رمزًا لشباب مُضحى به، ولبلد يفتقر إلى سياسة للتشغيل، وبلا رؤية للمستقبل. النظام الحالي لا يقدم أي استراتيجية جادة لتوظيف الشباب أو إدماج النساء، بينما هؤلاء هم ركائز الانتعاش الاقتصادي المستدام.

 

هذا النظام، الذي كان من المفترض أن يجسد الاستمرارية والاستقرار، أصبح ناقلًا لضيق عميق وتراجع عام. الشعب الموريتاني يستحق أفضل من ذلك! إنه يستحق قادة ذوي رؤية وأكفاء، تحركهم المصلحة العامة، لا أن يكونوا أسرى للحسابات السياسية أو لتصفية الحسابات أو لمنطق الحفاظ على الذات. الوضع خطير!!!

 

لقد حان الوقت للقوى الحية في الأمة: الشباب، الأطر، الوطنيون من كل الاتجاهات، أن ينهضوا لتقديم بديل جاد، قادر على إعادة الكرامة لموريتانيا، وإعادة البلاد إلى مسار التقدم، من خلال العدالة والإنصاف الاجتماعي كضمان للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

 

الأحد 4 مايو 2025