على مدار الساعة

كلمة قصيرة حول موسوعة كبرى

9 أبريل, 2025 - 17:36
بقلم القاضي / عبد الله حمود - طالب دكتوراه قانون خاص جامعة نواكشوط

لقد قرأت مقدمة (المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء) لمؤلفها د. يحي بن البراء فلاحظت أنها مقدمة علمية محكمة فائقة، وأن صاحبها متضلع في الفقه وأصوله والعقيدة والتصوف، لأنه يغوص في أعماق بعيدة لا يجرؤ عليها إلا من يحسن الغوص على المعاني ويجيد التصرف في الألفاظ الشرعية باعتبارها مصطلحات تدل على حقائق شرعية ولا تنطبق على سواها.

 

كانت مقدمة على مستوى الكتاب نظرا لحجمه وكمية ما تضمن من الفتاوى والنوازل، ولأن جودة إخراجها وترتيبها أظهرت مدى ما وصل إليه كيفها بالنسبة إلى حجمها فلم يكن هذا بأجود من هذا ولا كان ذا أحسن من ذا، ويندر أن يستجمع أي كتاب ضخم ولا أي مدونة كبرى جودة وحسن الكم والكيف معا، إذ الغالب أن يكون الحجم على حساب الكيف، كما نبه إلى ذلك الأستاذ مالك بن نبي - رحمه الله تعالى - في كتابه "وجهة العالم الإسلامي" وغيره من كتبه النافعة.

 

وألاحظ أنني لم أقرأ مقدمة طويلة عميقة رزينة على الوصف الذى ذكرت سابقا سوى هذه المقدمة أو مقدمة الموسوعة اليهودية للدكتور عبدالوهاب المسيري - عليه رحمة الله تعالى - إلا أنه ضمنها كثيرا من المصطلحات الفلسفية الحديثة تضطر القارئ إلى الوقوف عندها والبحث في المعاجم الفلسفية لمعرفة معناها ومدلولها خلال السياق الذى أتت فيه، ويمكن أن يكون الدكتوران قد سارا على منهج ابن خلدون في مقدمة كتابه العبر.

 

إذاً، فهذه الموسوعة – عندي - تعد أول عمل علمي جاد يقوم به باحث موريتاني في حقل الدراسات الفقهية بصفة أعمق، وفى مجال علم الكلام والعقيدة على المنهج الأشعري بصفة أخص دون المنهج السلفي الذي يبدو أنه قد اكتسح مجال العقيدة في هذه الحقبة من التاريخ لأنه - أي العقيدة السلفية - لم تنهض إلا بدعم ورعاية سلطة معينة كغيرها من المذاهب والفرق الكلامية، كما تدل الدراسات التاريخية الموثوقة عن صراع الفرق الكلامية على ذلك.

 

وكذلك فإن المساحة المخصصة للتصوف كانت لائقة بهذا اللون من المعرفة والتجارب الإنسانية لأننا نراه كذلك تجربة عرفانية اكتسبها شيخ وحاول تعديتها إلى مريده لكن التجارب عرضة للفشل في أغلب حالاتها، وقد تتهيأ للنجاح في بعض الأحيان كتجربة الجنيد ومن قبله إبراهيم بن أدهم والحارث المحاسبي ومن قبل ذلك الحسن البصري ومالك بن دينار من التابعين ومن على شكلهم من طبقتهم.

 

وخلاصة القول فإنها مقدمة تفتح الباب للدخول إلى الكتاب بأمان وتهيئ الذهن للنشاط من أجل الفهم وتدفع الهمة لمواصلة قراءة الكتاب والنتيجة بعد ذلك قد تكون بعون الله تعالى محمودة.

 

 حاسى أهل أحمد بشنه بتاريخ 03/04/2025